صفحة رقم ٩٢
لمن فعل ذلك منهم من العقاب فكأنهم حين لم يعملوا بعلمهم كانوا منسلخين منه.
البقرة :( ١٠٣ - ١٠٤ ) ولو أنهم آمنوا...
" ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم " ( ) ولو أنهم ( يعني اليهود ) آمنوا ( بمحمد ( ﷺ ) والقرآن ) واتقوا ( يعني اليهودية والسحر، وما يؤثمهم ) لمثوبة من عند الله ( أي لكان ثواب الله إياهم ) خير ( لهم يعني هذا الثواب ) لو كانوا يعلمون ( يعني ذلك.
قوله عز وجل :( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا ( سبب نزول هذه الآية : أن المسلمين كانوا يقولون : راعنا يا رسول الله من المراعاة أي ارعنا سمعك وفرغة لكلامنا وكانت هذه اللفظة سباً قبيحاً، بلغة اليهود ومعناها عندهم اسمع لا سمعت.
وقيل : من الرعونة إذا أرادوا أن يحمقوا إنساناً قالوا : راعنا يعني أحمق فلما سمعت اليهود هذه الكلمة من المسلمين قالوا فيما بينهم كنا نسب محمداً سراً فأعلنوا به الآن فكانوا يأتونه ويقولون راعنا يا محمد ويضحكون فيما بينهم فسمعها سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه ففطن لها وكان يعرف لغتهم فقال اليهود لئن سمعتها من أحد منكم يقولها لرسول الله ( ﷺ ) لأضربن عنقه فقالوا : أولستم تقولونها فأنزل الله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا ( أي لكي لا يجد اليهود بذلك سبيلاً إلى شتم رسول الله ( ﷺ ) ) وقولوا انظرنا ( أي انظر إلينا.
وقيل معناه انتظرنا وتأن بنا وفهمنا ) واسمعوا ( اي ما تؤمرون به وأطيعوا نهى الله تعالى عباده المؤمنين أن يقولون لنبيه محمد ( ﷺ ) راعنا لئلا يتطرق أحد إلى شتمه وأمرهم بتوقيره وتعظيمه وأن يتخيروا لخطابه ( ﷺ ) من الألفاظ أحسنها ومن المعاني أدقها، وإن سألوه بتبجيل وتعظيم ولين لا يخاطبوه بما يسر اليهود ) وللكافرين ( يعني اليهود ) عذاب أليم ( أي مؤلم.
البقرة :( ١٠٥ - ١٠٦ ) ما يود الذين...
" ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير " ( ) ما يود ( أي ما يحب ) الذين كفروا من أهل الكتاب ( يعني اليهود ) ولا المشركين ( يعني عبدة الأوثان لأن الكفر اسم جنس تحته نوعان أهل الكتاب وهم الذين بدلوا كتابهم وكذبوا الرسل وعبدة الأوثان وهم من عبدوا غير الله ) أن ينزل عليكم من خير من ربكم ( يعني ما أنزل الله عز وجل على نبيه ( ﷺ ) من الوحي والنبوة، وإنما كرهت اليهود وأتباعهم من المشركين ذلك حسداً وبغياً منهم على المؤمنين، وذلك أن المسلمين قالوا لحلفائهم من اليهود آمنوا بمحمد ( ﷺ ) قالوا : ما هذا الذي تدعوننا إليه بخير مما نحن فيه ولوددنا لو كان خيراً فأنزل الله تعالى هذه الآية تكذيباً لهم ) والله يختص برحمته من يشاء ( يعني أنه تعالى يختص بنبوته ورسالته من يشاء من عباده، ويتفضل بالإيمان والهداية على من أحب من خلقه رحمة منه لهم ) والله ذو الفضل العظيم ( يعني أن كل خير ناله عباده في دينهم ودنياهم، فإنه منه ابتلاء وتفضلاً عليهم من غير استحقاق أحد منهم