صفحة رقم ٩٦
عليه وسلم ما عشت قالت اليهود، أما هذا فقد، صبأ وقال حذيفة : أما أنا فقد رضيت بالله رباً وبمحمد رسولاً وبالإسلام دينا وبالقرآن إماماً وبالكعبة قبلة وبالمؤمنين إخواناً.
ثم إنهما أتيا رسول الله ( ﷺ ) فأخبراه بذلك، فقال : أصبتما الخير وأفلحتما فأنزل الله تعالى :( ود ( أي تمنى كثير من أهل الكتاب يعني اليهود ) لو يردونكم ( أي يا معشر المؤمنين ) من إيمانكم كفاراً ( أي ترجعون إلى ما كنتم عليه من الكفر ) حسداً ( أي يحسدونكم حسداً وأصل الحسد تمني زوال النعمة عمن يستحقها، وربما يكون مع ذلك سعي في إزالتها، والحسد مذموم لما روي عن أبي هريرة أن النبي ( ﷺ ) قال :( إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أو قال العشب ) أخرجه أبو داود، فإذا أنعم الله على عبده نعمة فتمنى آخر زوالها عنه، فهذا هو الحسد وهو حرام فإن استعان بتلك النعمة على الكفر، والمعاصي فتمنى آخر زوالها عنه فليس بحسد، ولا يحرم ذلك لأنه لم يحسده على تلك النعمة، من حيث إنها نعمة بل من حيث إنه يتوصل بتلك النعمة إلى الشر والفساد وقوله :( من عنده أنفسهم ( أي من تلقاء انفسهم لم يأمرهم الله بذلك ) من بعد ما تبين لهم الحق ( يعني في التوراة أن قول محمد ( ﷺ ) ودينه، حق لا يشكون فيه فكفروا به حسداً وبغياً ) فاعفوا واصفحوا ( أي فتجاوزوا عما كان منهم من إساءة وحسد وكان هذا الأمر بالعفو، والصفح قبل يؤمر بالقتال ) حتى يأتي الله بأمره ( أي بعذابه وهو القتل والسبي لبني قريظة والإجلاء والنفي لبني النضير قال ابن عباس : هو أمر الله له بقتالهم في قوله :( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ( " الآية ) إن الله على كل شيء قدير ( فيه وعيد وتهديد لهم ) وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ( لما أمر الله المؤمنين بالعفو والصفح عن اليهود أمرهم بما فيه صلاح أنفسهم من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة الواجبتين، ونبه بذلك على سائر الواجبات ثم قال تعالى :( وما تقدموا لأنفسكم من خير ( أي من طاعة وعمل صالح، وقيل أراد بالخير المال يعني صدقة التطوع، لأن الزكاة تقدم ذكرها ) تجدوه عند الله ( يعني ثوابه وأجره حتى التمرة واللقمة مثل أحد ) إن الله بما تعملون بصير ( أي لا يخفى شيء من قليل الأعمال، وكثيرها ففيه ترغيب في الطاعات، وأعمال البر وزجر عن المعاصي.
البقرة :( ١١١ - ١١٣ ) وقالوا لن يدخل...
" وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون " ( قوله عز وجل :( وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً ( يعني يهودياً، وقيل هو جمع هائد ) أو نصارى ( وذلك أن اليهود قالوا : لن يدخل الجنة إلا من كان يهودياً ولا دين إلا دين اليهودية، وقالت النصارى : لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانياً ولا دين إلا دين النصرانية قيل : نزلت في وفد نجران وكانوا نصارى اجتمعوا مع اليهود في مجلس رسول الله ( ﷺ ) فكذب بعضهم بعضاً في دعواه قال الله :( تلك أمانيهم ( أي شهواتهم الباطلة التي تمنوها على الله بغير حق ) قل ( يعني يا محمد ) هاتوا برهانكم ( أي حجتكم


الصفحة التالية
Icon