صفحة رقم ١٠٠
وقوله سبحانه وتعالى :( فإنزل الله سكينته عليه ( يعني فأنزل الله الطمأنينة والسكون على رسول الله ( ﷺ ) وقال ابن عباس عن أبي بكر لأن النبي ( ﷺ ) كانت عليه السكينة من قبل ذلك.
( فصل في الوجوه المستنبطة من هذه الآية الدالة على فضل سيدي أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه )
منها أن النبي ( ﷺ ) لما اختفى في الغار من الكفار كان مطلعاً على باطن أبي بكر الصديق في سره وإعلانه وأنه من المؤمنين الصادقين الصديقين المخلصين فاختار صحبته في ذلك المكان المخوف لعمله بحاله.
ومنها : أن هذه الهجرة كانت بإذن الله فخصّ الله بصحبة نبيه ( ﷺ ) أبا بكر دون غيره من أهله وعشيرته وهذا التخصيص يدل على شرف أبي بكر وفضله على غيره.
ومنها : أن الله سبحانه وتعالى عاتب أهل الأرض بقوله تعالى إلا تنصروه فقد نصره الله سوى أبي بكر الصديق وهذا دليل على فضله.
ومنها : أن سيدنا أبا بكر رضي الله تعالى عنه لم يتخلف عن رسول الله ( ﷺ ) في سفر ولا حضر بل كان ملازماً له وهذا دليل على صدق محبته وصحة صحبته له ومنها مؤانسته للنبي ( ﷺ ) في الغار وبذل نفسه له وفي هذا دليل على فضله.
ومنها : أن الله سبحانه وتعالى جعله ثاني رسول الله ( ﷺ ) بقوله سبحانه وتعالى ثاني اثنين إذ هما في الغار وفي هذا نهاية الفضيلة لأبي بكر رضي الله تعالى عنه.
وقد ذكر بعض العلماء أن أبا بكر كان ثاني رسول الله ( ﷺ ) في أكثر الأحوال ومنها أن النبي ( ﷺ ) دعا الخلق إلى الإيمان بالله فكان أبو بكر أول من آمن ثم دعا أبو بكر إلى الإيمان بالله ورسوله فاستجاب له عثمان وطلحة والزبير فآمنوا على يدي أبي بكر ثم حملهم إلى النبي ( ﷺ ) ومنها أن النبي ( ﷺ ) لم يقف في موقف من غزواته إلا وأبو بكر معه في ذلك الموقف ومنه أنه لما مرض ( ﷺ ) قام مقامه في الإمامة فكان ثانيه ومنها أنه ثانيه في تربته ( ﷺ ) وفي هذا دليل على فضل أبي بكر الصديق ومنها أن الله سبحانه وتعالى نص على صحبة أبي بكر دون غيره بقوله سبحانه وتعالى إذ يقول لصاحبه لا تحزن ومنها أن الله سبحانه وتعالى كان ثالثهما ومن كان معه دل على فضله وشرفه على غيره ومنها إنزال السكينة على أبي بكر واختصاصه بها دليل على فضله والله أعلم.
وقوله سبحانه وتعالى :( وأيده بجنود لم تروها ( يعني : وأيد النبي ( ﷺ ) بإنزال الملائكة ليصرفوا وجوه الكفار وأبصارهم عن رؤيته.
وقل : ألقى الرعب في قلوب الكفار حتى رجعوا وقال مجاهد والكلبي : أعانه بالملائكة يوم بدر فأخبر الله سبحانه وتعالى أنه نصره وصرف عنه كيد الأعداء وهو في الغار في حالة القلة والخوف ثم نصره بالملائكة يوم بدر ) وجعل كلمة الذين كفروا السفلى ( يعني كلمة الشرك فهي سفلى إلى يوم القيامة ) وكلمة الله هي العليا عزيز حكيم ( قال ابن عباس : هي كلمة لا إله إلا الله فهي باقية إلى يوم القيامة عالية.
وقيل : إن كلمة الذين كفروا هي


الصفحة التالية
Icon