صفحة رقم ١٠٧
في الدنيا من التعب والشدة والغم والحزن على المال والولد عذاباً عليه في الدنيا فثبت بهذا الاعتبار أن المال والولد عذاب على المنافقين في الدنيا دون المؤمنين.
وقيل : إن تعذيبهم بهما في الدنيا أخذ الزكاة منهم والنفقة في سبيل الله غير مثابين على ذلك وربما قتل الولد في الغزو فلا يثاب الوالد المنافق على قتل ولده وذهاب ماله.
وقيل : يعذبهم بالتعب في جمعه وحفظه والكره في إنفاقه والحسرة على تخليفه عند من لا يحمده ثم يقدم في الآخرة على ملك لا يعذره ) وتزهق أنفسهم ( يعني وتخرج أنفسهم ) وهم كافرون ( والمعنى أنهم يموتون على الكفر فتكون عاقبتهم بعد عذاب الدنيا عذاب الآخرة.
التوبة :( ٥٦ - ٥٨ ) ويحلفون بالله إنهم...
" ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون " ( قوله عز وجل :( ويحلفون بالله ( يعني المنافقين ) إنهم لمنكم ( يعني على دينكم وملتكم ) وما هم منكم ( يعني أنهم كاذبون في أيمانهم ) ولكنهم قوم يفرقون ( يعني أنهم يخافون أن تظهروا على ما هم عليه من النفاق ) لو يجدون ملجأ ( يعني حرزاً وحصناً ومعقلاً يلجؤون إليه وقيل لو وجدوا مهرباً لهربوا إليه وقيل لو يجدون قوماً يأمنون عندهم على أنفسهم منكم لصاروا إليهم ولفارقوكم ) أو مغارات ( يعني غيراناً في الجبل جمع مغارة وهو الموضع الذي يغور فيه الإنسان أي يستتر ) أو مدخلاً ( يعني موضع دخول يدخلون فيه وهو السرب في الأرض كنفق اليربوع وقال الحسن : وجهاً يدخلونه على خلاف رسول الله ( ﷺ ) ) لولو إليه ( والمعنى أنهم لو وجدوا مكاناً بهذه الصفة أو على أحد هذه الوجوه الثلاثة وهي شر الأمكنة وأضيقها لولوا إليه أي لرجعوا إليه وتحرزوا فيه ) وهم يجمحون ( يعني وهم يسرعون إلى ذلك المكان والمعنى أن المنافقين لشدة بغضهم لرسول الله ( ﷺ ) والمؤمنين لو قدروا أن يهربوا منكم إلى أحد هذه الأمكنة لصاروا إليه لشدة بغضهم إياكم.
قوله سبحانه وتعالى :( ومنهم من يلمزك في الصدقات ( نزلت في ذي الخويصرة التميمي واسمه حرقوص بن زهير وهو أصل الخوارج
( ق ) عن أبي سعيد الخدري قال :( بينما نحن عند رسول الله ( ﷺ ) وهو يقسم فيئاً فأتاه ذو الخويصرة رجل من بني تميم فقال يا رسول الله اعدل فقال رسول الله ( ﷺ ) :( ويلك من يعدل إذا لم أعدل ( وفي رواية :( قد خبت وخسرت إن لم أعدل ( فقال عمر بن الخطاب : ائذن لي فيه فأضرب عنقه فقال رسول الله ( ﷺ ) :( دعه فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم ( زاد في رواية ) يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين ( وفي رواية ) من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ( وقال الكلبي : قال رجل من المنافقين، يقال له أبو الجواظ لم تقسم بالسوية فنزلت هذه


الصفحة التالية
Icon