صفحة رقم ١١٤
شيء رده إلى الباقين وذهب جماعة من العلماء إلى أنه لو صرف الكل إلى صنف واحد من هذه الأصناف أو إلى شخص واحد منهم جاز لأن الله سبحانه وتعالى إنما سمى هذه الأصناف الثمانية إعلاماً منه أن الصدقة لا تخرج عن هذه الثمانية إلا إيجاباً منه لقسمتها بينهم جميعاً وهذا قول عمر وابن عباس وبه قال سعيد بن جبير وعطاء وإليه ذهب سفيان الثوري وأصحاب الرأي وأحمد بن حنبل.
قال أحمد بن حنبل : يجوز أن يضعها في صنف واحد وتفريقها أولى.
وقال إبراهيم النخعي : إن كان المال كثيراً يحتمل الإجزاء قسمه على الأصناف وإن كان قليلاً وضعه في صنف واحد.
وقال مالك : يتحرى موضع الحاجة منهم ويقدم الأولى فالأولى من أهل الخلة والحاجة فإن رأى الخلة في الفقراء في عام قدمهم وإن رآها في صنف آخر في عام حولها إليهم وكل من دفع غيله شيئاً من الصدقة فلا يعطي بعده شيئاً وإن كان محترفاً لكنه لا يجد آلة حرفته فيعطي قدر ما يحصل به آلة حرفته فالاعتبار عند الإمام الشافعي رضي الله عنه ما يدفع الحاجة من غير حد.
وقال أحمد بن حنبل : لا يعطي الفقير أكثر من خمسين درهماً وقال أبو حنيفة : أكره أن يعطى رجل واحد من الزكاة مائتي درهم فإن أعطيته أجزأ فإن أعطى من يظنه فقيراً فبان أنه غني فهل يجزئ فيه قولان ولا يجوز أن يعطي صدقته لمن تلزمه نفقته وبه قال مالك والثوري وأحمد وقال أبو حنيفة والشافعي : لا يعطى والداً وإن علا ولا ولداً وإن سفل ولا زوجة ويعطي من عداهم وتحرم الصدقة على ذوي القربى وهم بنو هاشم وبنو المطلب فلا يدفع إليهم من الزكاة شيء قوله ( ﷺ ) :( إنا آل بيت لا تحل لنا الصدقة ) وقال أبو حنيفة تحرم على بني هاشم ولا تحرم على بني المطلب دليلنا قوله ( ﷺ ) ( إنا وبنو المطلب شيء واحد لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام ) وتحرم الصدقة على موالي بني هاشم وبني المطلب قوله ( ﷺ ) ( مولى القوم منهم ) وقال مالك لا تحرم واختلفوا في نقل الصدقة من بلد إلى بلد آخر مع وجود المستحقين في بلد المال فكرهه أكثر أهل العلم لتعلق قلوب فقراء ذلك البلد بذلك المال ولقوله ( ﷺ ) لمعاذ ( وأعلمهم أن الله سحبانه وتعالى افترض عليهم صدقة من أغنيائهم وترد على فقرائهم ) الحديث بطوله في الصحيحين واتفقوا على أنه إذا نقل المال إلى بلد آخر وأداه إلى فقراء ذلك البلد سقط عنه الفرض إلا ما حكى عن عمر بن عبد العزيز فإنه رد صدقة حملت من خرسان إلى الشام فردها إلى مكانها من خراسان والله