صفحة رقم ١٢١
في الشرع من خير وبر وطاعة ) وينهون عن المنكر ( يعني عن الشرك والمعصية والمنكر كل ما ينكره الشرع وينفر منه الطبع وهذا في مقابلة ما وصف به المنافقون وضده ) ويقيمون الصلاة ( يعني الصلاة المفروضة ويتممون أركانها وحدودها ) ويؤتون الزكاة ( يعني الواجبة عليهم وهو في مقابلة ويقبضون أيديهم ) ويطيعون الله ورسوله ( يعني فيما يأمرهم به وهو في مقابلة نسوا الله فنسيهم ) أولئك ( يعني المؤمنين والمؤمنات الموصوفين بهذه الصفات ) سيرحمهم الله ( لما ذكر الله ما وعد به المنافقين من العذاب في نار جهنم ذكر ما وعد به المؤمنين والمؤمنات من الرحمة والرضوان وما أعد لهم في الجنان والسين في قوله سيرحمهم الله للمبالغة والتوكيد ) إن الله عزيز حكيم ( وهذا يوجب المبالغة في الترغيب والترهيب لأن العزيز هو الذي لا يمتنع عليه شيء أراد فهو قادر على إيصال العقوبة لمن أراد والحكيم هو الذي يدبر عباده على ما يقتضيه العدل والإنصاف ) وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ( لما ذكر الله في الآيات المتقدمة وعيد المنافقين وما أعد لهم في نار جهنم من العذاب ذكر سبحانه وتعالى في هذه الآية ما وعد به المؤمنين من الخير والثواب والمراد بالجنات التي تجري من تحتها الأنهار البساتين التي يتحير في حسنها الناظر لأنه سبحانه وتعالى قال ومساكن طيبة في جنات عدن والمعطوف يجب أن يكون مغايراً للمعطوف عليه فتكون مساكنهم في جنات عدن ومناظرهم الجنات التي هي البساتين فتكون جنات عدن هي المساكن التي يسكنونها والجنات الآخر هي البساتين التي يتنزهون فيها فهذه فائدة المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه والفرق بينهما ) ومساكن طيبة ( يعني ومنازل يسكنونها طيبة ) في جنات عدن ( يعني في بساتين خلد وإقامة يقال عدن بالمكان إذا أقام به.
روى الطبري بسنده عن عمران بن حصين وأبي هريرة قال :( سئل رسول الله ( ﷺ ) عن هذه الآية ومساكن طيبة في جنات عدن قال : قصر من لؤلؤة في ذلك القصر سبعون داراً من ياقوتة حمراء في كل دار سبعون بيتاً من زمردة خضراء في كل بيت سبعون سريراً على كل سرير سبعون فراشاً من كل لون على كل فراش زوجة من الحور العين ) وفي رواية :( كل بيت سبعون مائدة على كل مائدة سبعون لوناً من طعام وفي كل بيت سبعون وصيفة ويعطى المؤمن من القوة في غداة واحدة ما يأتي على ذلك كله أجمع ) وروي بسنده عن أبي الدرداء قال :( قال رسول الله ( ﷺ ) عدن داره يعني دار الله التي لم ترها عين ولا تخطر على قلب بشر وهي مسكنه ولا يسكنها مع بني آدم غير ثلاثة النبيين والصديقين والشهداء يقول الله عز وجل طوبى لمن دخلك ) هكذا رواه الطبري فإن صحت هذه الرواية فلا بد من تأويلها فقوله عدن داره يعني دار الله وهو من باب حذف المضاف تقديره عدن دار أصفياء الله تعالى التي أعدها لأوليائه وأهل طاعته والمقربين من عباده.
عن أبي موسى الأشعري : أن رسول الله ( ﷺ ) قال :( جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ) أخرجه البخاري ومسلم.
وقال عبد الله بن مسعود : عدن بطنان الجنة يعني وسطها.
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : إن في الجنة قصراً يقال له عدن حوله البروج والمروج له خمسة آلاف باب لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد.
وقال عطاء بن السائب : عدن نهر في الجنة خيامه على حافتيه، وقال مقاتل والكلبي : عدن أعلى درجة في الجنة فيها عين التسنيم والجنان حولها