صفحة رقم ١٣٦
معك يا محمد.
قال ابن إسحاق : نزلت في البكائين وكانوا سبعة.
ونقل الطبري عن محمد بن كعب وغيره قالوا : جاء ناس من أصحاب رسول الله ( ﷺ ) يستحملونه فقال : لا أجد ما أحملكم عليه فأنزل الله هذه الآية وهم سبعة نفر من بني عمرو بن عوف سالم بن عمير ومن بني واقف جرمي بن عمير ومن بني مازن ابن النجار عبد الرحمن بن كعب يكنى أبا ليلى ومن بني المعلى سلمان بن صخر ومن بني حارثة عبد الرحمن بن زيد وهو الذي تصدق بعرضه فقبل الله منه ذلك ومن بني سلمة عمرو بن عنمة وعبد الله بن عمر المزني.
وقال البغوي : هم سبعة نفس سمعوا البكائين معقل بن يسار، وصخر بن خنساء، وعبد الله بن كعب الأنصاري، وعلية بن زيد الأنصاري، وسالم بن عمير، وثعلبة بن عنمة، وعبد الله بن مغفل المزني، قال : أتوا رسول الله ( ﷺ ) فقالوا : يا رسول الله إن الله عز وجل قد ندبنا إلى الخروج معك فاحملنا.
فقال :( لا أجد ما أحملكم عليه ) وقال مجاهد : هم بنو مقرن من مزينة وكانوا ثلاثة إخوة.
معقل، وسويد، والنعمان بنو مقرن.
وقيل : نزلت في العرباض بن سارية، ويحتمل أنها نزلت في كل ما ذكر.
قال ابن عباس : سألوه أن يحملهم على الدواب.
وقيل : بل سألوه أن يحملهم على الخفاف المرفوعة والنعال المخصوفة فقال النبي ( ﷺ ) :( لا أجد ما أحملكم عليه )، فولوا وهم يبكون ولذلك سموا البكائين.
فذلك قوله سبحانه وتعالى :( قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع ( قال صاحب الكشاف : وكقولك تفيض دمعاً وهو أبلغ من يفيض جمعها لأن العين جعلت كأن كلها دمع فائض ومن البيان كقولك أفديك من رجل ) حزناً ألاّ يجدوا ما ينفقون ( يعني على أنفسهم في الجهاد ) إنما السبيل ( لما قال الله سبحانه وتعالى : ما على المحسنين من سبيل.
قال تعالى في حق من يعتذر ولا عذر له إنما السبيل يعني إنما يتوجه الطريق بالعقوبة ) على الذين يستأذنوك ( يا محمد في التخلف عنك والجهاد معك ) وهم أغنياء ( يعني قادرين على الخروج معك ) رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ( يعني رضوا بالدناءة والضعة والانتظام في جملة الخوالف وهم النساء والصبيان والقعود معهم ) وطبع الله على قلوبهم ( يعني ختم عليها ) فهم لا يعلمون ( ما في الجهاد من الخير في الدنيا والآخرة أما في الدنيا فالفوز بالغنيمة والظفر بالعدو وأما في الآخرة فالثواب والنعيم الدائم الذي لا ينقطع.
التوبة :( ٩٤ - ٩٨ ) يعتذرون إليكم إذا...
" يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم " ( قوله سبحانه وتعالى :( يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم ( يعني يعتذر هؤلاء المنافقون المتخلفون عنك يا محمد إليك وإنما ذكره بلفظ الجمع تعظيماً له ( ﷺ ) ويحتمل أنهم اعتذروا إليه وإلى المؤمنين فلهذا قال تعالى يعتذرون إليكم يعني بالأعذار الباطلة الكاذبة إذا رجعتم إليهم يعني من سفركم ) قل ( أي قل لهم يا محمد ) لا تعتذروا ( قال البغوي : روي أن المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك كانوا بضعة وثمانين فقال الله تعالى قل لا تعتذروا ) لن نؤمن لكم ( يعني لن نصدقكم فيما اعتذرتم به ) قد نبأنا الله من أخباركم ( يعني قد أخبرنا الله فيما سلف من أخباركم ) وسيرى الله عملكم ورسوله ( يعني في المستأنف أتتوبون من نفاقكم أم تقيمون عليه وقيل : يحتمل أنهم وعدوا بأن ينصروا المؤمنين في المستقبل فلهذا قال وسيرى الله عملكم ورسوله هل تفون بما قلتم أم لا ) ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم ( يعني فيخبركم ) بما كنتم تعلمون ( لأنه هو المطلع على ما في ضمائركم في الخيانة والكذب وإخلاف الوعد.
قوله عز وجل :( سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم ( يعني إذا رجعتم من سفركم إليهم يعني إلى


الصفحة التالية
Icon