صفحة رقم ١٤٦
سبحانه وتعالى :( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ( وتبشير لهم بأن الله هو التواب الرحيم.
قوله عز وجل :( وقل ( أي قل يا محمد لهؤلاء التائبين ) اعملوا ( يعني لله بطاعته وأداء فرائضه ) فسيرى الله عملكم ( فيه ترغيب عظيم للمطيعين ووعيد عظيم للمذنبين فكأنه قال اجتهدوا في العمل في المستقبل فإن الله تعالى يرى أعمالكم ويجازيكم عليها ) ورسوله والمؤمنون ( يعني ويرى رسول الله ( ﷺ ) والمؤمنون أعمالكم أيضاً.
أما رؤية رسول الله ( ﷺ ) فباطلاع الله إياه على أعمالكم.
وأما رؤية المؤمنين، فبما يقذف الله عز وجل في قلوبهم من محبة الصالحين وبغض المذنبين ) وستردون إلى عالم الغيب والشهادة ( يعني : وسترجعون يوم القيامة إلى من يعلم سركم وعلانيتكم ولا يخفى عليه شيء من بواطنكم وظواهركم ) فينبئكم ( أي فيخبركم ) بما كنتم تعملون ( يعني في الدنيا من خير أو شر فيجازيكم عن أعمالكم.
قوله سبحانه وتعالى :( وآخرون مرجون ( أي مؤخرون والإرجاء التأخير ) لأمر الله ( يعني لحكم الله فيهم قال بعضهم إن الله سبحانه وتعالى قسم المتخلفين على ثلاثة أقسام :
أولهم : المنافقون وهم الذين مردوا على النفاق واستمروا عليه.
والقسم الثاني : التائبون وهم الذين سارعوا إلى التوبة بعد ما اعترفوا بذنوبهم وهم أبو لبابة وأصحابه فقبل الله توبته.
والقسم الثالث : موقوفون ومؤخرون إلى أن يحكم الله تعالى فيهم وهم المراد بقوله : وآخرون مرجون لأمر الله.
والفرق بين القسم الثاني والقسم الثالث، أن القسم الثاني سارعوا إلى التوبة فقبل الله توبتهم، والقسم الثالث توقفوا ولم يسارعوا إلى التوبة فأخر الله أمرهم.
نزلت هذه الآية في الثلاثة الذين تخلفوا وهم : كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع، وستأتي قصتهم عند قوله تعالى : وعلى الثلاثة الذين خلفوا وذلك أنهم لم يبالغوا في التوبة والاعتذار كما فعل أبو لبابة وأصحابه فوقفهم رسول الله ( ﷺ ) خمسين ليلة ونهى الناس عن كلامهم وكانوا من أهل بدر، فجعل بعض الناس يقول هلكوا وبعضهم يقول : عسى الله أن يتوب عليهم ويغفر لهم وهو قوله سبحانه وتعالى :( إما يعذبهم وإما يتوب عليهم ( يعني أن أمرهم إلى الله تعالى إن شاء عذبهم بسبب تخلفهم وإن شاء غفر لهم وعفا عنهم ) والله عليم ( يعني بما في قلوبهم ) حكيم ( يعني بما يقضي عليهم.
التوبة :( ١٠٧ ) والذين اتخذوا مسجدا...
" والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون " ( قوله سبحانه وتعالى :( والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً ( نزلت في جماعة من المنافقين بنوا مسجداً يضارّون به مسجد قباء وكانوا اثني عشر رجلاً من أهل النفاق وديعة بن ثابت


الصفحة التالية
Icon