صفحة رقم ١٥٣
والعمل الصالح وينهونهم عن كل قول وفعل نهى الله عباده عنه أو نهى عنه رسول الله ( ﷺ ) قال الحسن : أما أنهم لم يأمروا الناس بالمعروف حتى كانوا من أهله ولم ينهوا عن المنكر حتى انتهوا عنه وأما دخول الواو في والناهون عن المنكر فإن العرب تعطف بالواو على السبعة ومنه قوله سبحانه وتعالى : وثامنهم كلبهم وقوله تعالى في صفة الجنة : وفتحت أبوابها.
وقيل : فيه وجه آخر وهو أن الموصوفين بهذه الصفات الست هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، فعلى هذا يكون قوله تعالى التائبون إلى قوله الساجدون مبتدأ خبره الآمرون يعني هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ) والحافظون لحدود الله ( قال ابن عباس : يعني القائمين بطاعة الله وقال الحسن : الحافظون لفرائض الله وهم أهل الوفاء ببيعة الله.
وقيل : هم المؤدون فرائض الله المنتهون إلى أمره ونهيه فلا يضيعون شيئاً من العمل الذي ألزمهم به ولا يرتكبون منهياً نهاهم عنه ) وبشر المؤمنين ( يعني بشر يا محمد المصدقين بما وعدهم الله به إذا وفوا الله تعالى بعهده فإنه موف لهم بما وعدهم من إدخال الجنة.
وقيل : وبشر من فعل هذه الأفعال التسع وهو قوله تعالى التائبون إلى آخر الآية بأن له الجنة وإن لم يغز.
قوله عز وجل :( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ( الآية واختلف أهل التفسير في سبب نزول هذه الآية فقال قوم : نزلت في شأن أبي طالب عم النبي ( ﷺ ) والد علي وذلك أن النبي ( ﷺ ) أراد أن يستغفر له بعد موته فنهاه الله عن ذلك ويدل على ذلك ما روي عن سعيد بن المسيب عن أبيه المسيب بن حزن ( قال لما حضرت أبا طالب الوفاة جاء رسول الله ( ﷺ ) فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة فقال أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاجُّ لك بها عند الله ) فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية بن المغيرة : أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله ( ﷺ ) يعرضها عليه ويعودان لتلك المقالة حتى قالوا : أبو طالب آخر ما كلمهم أنا على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله فقال رسول الله ( ﷺ ) والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك فأنزل الله تعالى ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى وأنزل الله في أبي طالب ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) أخرجاه في الصحيحين.
فإن قلت قد استبعد بعض العلماء نزول هذه الآية في شأن أبي طالب وذلك أن وفاته كانت بمكة أول الإسلام ونزول هذه السورة بالمدينة وهي من آخر القرآن نزولاً.
( قلت الذي نزل في أبي طالب قوله تعالى إنك لا تهدي من أحببت فقال النبي ( ﷺ ) لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ) كما في الحديث فيحتمل أنه ( ﷺ ) كان يستغفر له في بعض الأوقات إلى أن نزلت هذه الآية فمنع من الاستغفار والله أعلم بمراده وأسرار كتابه ( م ).
عن أبي هريرة قال قال رسول الله ( ﷺ ) لعمه عند الموت :( قل لا إله إلا الله أشهد لك بها يوم القيامة فأبى فأنزل الله إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ) الآية وفي رواية قال :( لولا تعيرني قريش يقولون إنما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك فأنزل الله الآية )
( ق )
( عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله ( ﷺ ) وذكر عنده عمه طالب فقال ) لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه تغلى منه أم دماغه ( وفي رواية :( يغلي منه دماغه من حرارة نعليه (
( ق ) عن العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه


الصفحة التالية
Icon