صفحة رقم ١٧٦
قيل المراد بالآيات أدلة التوحيد.
وقال ابن عباس : عن آياتنا يعني عن محمد ( ﷺ ) والقرآن ؛ غافلون : أي معرضون.
يونس :( ٨ - ١١ ) أولئك مأواهم النار...
" أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون " ( ) أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ( يعني : من الكفر والتكذيب والأعمال الخبثية.
قوله عز وجل :( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم ( يعني يهديهم ربهم إلى الجنان ثواباً لهم بإيمانهم وإعمالهم الصالحة وقال مجاهد : يهديهم على الصراط إلى الجنة : يجعل لهم نوراً يمشون به.
وقال قتادة : بلغنا أن المؤمن إذا خرج من قبره يصور له عمله في صورة حسنة فيقول له : من أنت فيقول : أنا عملك.
فيكون له نوراً وقائداً إلى الجنة، والكافر بالضد، فلا يزال به عمله حتى يدخله النار وقال ابن الأنباري : يجوز أن يكون المعنى أن الله يزيدهم هداية بخصائص ولطائف وبصائر ينور بها قلوبهم ويزيل بها الشكوك عنهم ويجوز أن يكون المعنى ويثبتهم على الهداية وقيل معناه بإيمانهم يهديهم ربهم لدينه أي بتصديقهم هداهم ) تجري من تحتهم الأنهار ( يعني بين أيديهم ينظرون إليها من أعالي أسرتهم وقصورهم فهو كقوله سبحانه وتعالى :( قد جعل ربك تحتك سرياً ( " لم يرد به أنه تحتها وهي قاعدة عليه بل أراد بين يديها.
وقيل : تجري بأمرهم ) في جنات النعيم ( يعني ذلك لهم جنات النعيم ) دعواهم فيها ( أي قولهم وكلامهم فيها.
وقيل : الدعوى بمعنى الدعاء أي دعاؤهم فيها ) سبحانك اللهم ( وهي كلمة تنزيه لله تعالى من كل سوء ونقيصة.
قال أهل التفسير : هذه الكلمة علامة بين أهل الجنة والخدم في الطعام فإذا أرادوا الطعام قالوا : سبحانك اللهم فيأتونهم في الوقت بما يشتهون على الموائد كل مائدة ميل في ميل على كل مائدة سبعون ألف صحفة في كل صحفة لون من الطعام لا يشبه بعضها بعضاً فإذا فرغوا من الطعام حمدوا الله على ما أعطاهم فذلك قوله تبارك وتعالى :( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ( وقيل : إن المراد بقوله سبحانك اللهم اشتغال أهل الجنة بالتسبيح والتحميد والتقديس لله عز وجل والثناء عليه بما هو أهله وفي هذا الذكر والتحميد سرورهم وابتهاجهم وكمال لذتهم ويدل عليه ما روي عن جابر قال : سمعت رسول الله ( ﷺ ) يقول ( أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون قالوا فما بال الطعام قال جشاء ورشح كرشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس وفي رواية التسبيح والحمد ) أخرجه مسلم.
قوله جشاء أي يخرج ذلك الطعام جشاء وعرقاً.
وقوله سبحانه وتعالى :( وتحيتهم فيها سلام ( يعني يحيي بعضهم بعضاً بالسلام.
وقيل : تحييهم الملائكة بالسلام وقيل تأتيهم الملائكة من عند ربهم بالسلام ) وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ( قد ذكرنا أن جماعة من المفسرين حملوا التسبيح والتحميد على أحوال أهل الجنة بسبب المأكول والمشروب وأنهم إذا اشتهوا شيئاً قالوا : سبحانك الله فيحضر ذلك الشيء وإذا فرغوا منه.
قالوا : الحمد لله رب العالمين فترفع الموائد عند ذلك وقال الزجاج : أعلم الله أهل الجنة يبتدئون بتعظيم الله وتنزيهه ويختمون بشكره والثناء عليه.
وقيل : إنهم يفتتحون كلامهم بالتسبيح ويختمونه بالتحميد.
وقيل : إنهم يلهمون ذلك كما ذكر في الحديث


الصفحة التالية
Icon