صفحة رقم ١٧٧
قوله سبحانه وتعالى :( ولو يعجل الله للناس الشر ( يعني ولو يعجل الله للناس إجابة دعائهم في الشر بما لهم فيه مضرة ومكروه في نفس أو مال.
قال ابن عباس : هذا في قول الرجل لأهله وولده عند الغضب لعنكم الله لا بارك الله فيكم.
وقال قتادة : هو دعاء الرجل على نفسه وماله وأهله وولده بما يكره أن يستجاب له فيه ) استعجالهم بالخير ( يعني كاستعجالهم بالخير وكما يحبون أن يعجل لهم إجابة دعائهم بالخير ) لقضي إليهم أجلهم ( يعني لفرغ من هلاكهم وماتوا جميعاً والتعجيل تقديم الشيء قبل وقته والاستعجال طلب العجلة.
وقال ابن قتيبة : إن الناس عند الغضب والضجر قد يدعون على أنفسهم وأهلهم وأولادهم بالموت وتعجيل البلاء كما يدعون بالرزق والرحمة وإعطاء السؤال يقال لو أجابهم الله إذا دعوه بالشر الذي يستعجلون به استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم يعني : لفرغ من هلاكهم ولكن الله عز وجل بفضله وكرمه يستجيب للداعي بالخير ولا يستجيب له في الشر.
وقيل : إن هذه الآية نزلت في النضر بن الحارث حين قال إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء فعلى هذا يكون المعنى ولو يعجل الله للكافرين العذاب كما عجل لهم خير الدنيا من المال والولد لعجل قضاء آجالهم ولهلكوا جميعاً ويدل على صحة هذا القول قوله سبحانه وتعالى :( فنذر الذين لا يرجون لقاءنا ( يعني فندع الذين لا يخافون عقابنا ولا يؤمنون بالبعث بعد الموت ) في طغيانهم ( يعني في تمردهم وعتوهم ) يعمهون ( يعني يترددون
( ق ).
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ﷺ ) :( اللهم إني اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه فإنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة واجعل ذلك كفارة له يوم القيامة ) )
يونس :( ١٢ - ١٤ ) وإذا مس الإنسان...
" وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون " ( ) وإذا مس الإنسان الضر ( أي الشدة والجهد والمراد بالإنسان في هذه الآية الكافر ) دعانا لجنبه ( أي على جنبه مضطجعاً ) أو قاعداً أو قائماً ( يريد جميع حالاته لأن الإنسان لا ينفك عن إحدى هذه الحالات الثلاث والمعنى أن المضرور لا يزال داعياً في جميع حالاته إلى أن ينكشف ضره سواء كان مضطجاً أو قائماً أو قاعداً وهذا القول فيه بعد لأن ذكر الدعاء إلى هذه الأحوال أقرب من ذكر الضر ) فلما كشفنا عنه ضره ( يعني فلما أزلنا عنه ما نزل به من الضر ودفعنا عنه ) مر ( يعني على طريقته الأولى قبل مس الضر ) كأن لم يدعنا ( فيه حذف تقديره كأنه لم يدعنا وإنما أسقط الضمير على سبيل التخفيف ) إلى ضر مسه ( والمعنى أنه استمر على حالته الأولى قبل أن يمسه الضر ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء والضيق والفقر ) كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون ( يعني مثل ما زين لهذا الكافر هذا العمل القبيح كذلك زين للمسرفين والمزين هو الله سبحانه وتعالى لأنه مالك