صفحة رقم ١٧٩
قال قتادة : قال ذلك مشركو مكة، وقال مقاتل : هم خمسة نفر عبد الله بن أمية المخزومي والوليد بن المغيرة ومكرز بن حفص وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري والعاص بن عامر بن هشام، قال هؤلاء للنبي ( ﷺ ) : إن كنت تريد أن نؤمن بك فأت بقرآن غير هذا ليس فيه ترك عبادة اللات والعزى ومناة وليس فيه عيبها وإن لم ينزله الله عليك فقل أنت من عند نفسك أو بدله فاجعل مكان آية عذاب آية رحمة ومكان حرام حلالاً ومكان حلال حراماً.
قال الإمام فخر الدين الرازي : اعلم أن إقدام الكفار على هذا الالتماس يحتمل وجهين : أحدهما : أنهم ذكروا ذلك على سبيل السخرية والاستهزاء وهو قولهم لو جتنا بقرآن غير هذا القرآن أو بدلته لآمنا بك وغرضهم السخرية والاستهزاء.
الثاني : أن يكونوا قالوا ذلك على سبيل التجربة والامتحان حتى أنه لو فعل ذلك علموا أنه كان كاذباً في قوله : إن هذا القرآن ينزل عليه من عند الله.
ومعنى قوله : ائت بقرآن غير هذا أو بدله يحتمل أن يأتي بقرآن آخر مع وجود هذه القرآن ولتبديل لا يكون إلا مع وجوده وهو أن يبدل بعض آياته بغيرها كما طلبوه ولما سألوا رسول الله ( ﷺ ) أمره الله أن يجيبهم بقوله ) قل ( أي قل يا محمد لهؤلاء ) ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي ( يعني أن هذا الذي طلبتموه من التبديل ليس إليّ وما ينبغي لي أن أغيره من قبل نفسي ولم أومر به ) إن أتبع إلا ما يوحى إليّ ( يعني فيما آمركم به أو أنهاكم عنه وما أخبركم إلا ما يخبرني الله به وإن الذي أتيتكم به هو من عند الله لا من عندي ) إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ( أي : قل لهم يا محمد إني أخشى من الله إن خالفت أمره أو غيرت أحكام كتابه أو بدلته فعصيته بذلك أن يعذبني بعذاب عظيم في يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت.
قوله سبحانه وتعالى :( قل ( أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين طلبوا منك تغيير القرآن وتبديله ) لو شاء الله ما تلوته عليكم ( يعني لو شاء الله لم ينزل علي هذا القرآن ولم يأمرني بقراءته عليكم ) ولا أدراكم به ( قال ابن عباس : ولا أدراكم الله به ولا أعلمكم به ) فقد لبثت فيكم عمراً من قبله ( يعني فقد مكثت فيكم قبل أن يوحى إلي هذا القرآن مدة أربعين سنة لم آتكم بشيء ووجه هذا الاحتجاج أن كفار مكة كانوا قد شاهدوا رسول الله ( ﷺ ) قبل مبعثه وعلموا أحواله وأنه كان أمياً لم يطالع كتاباً ولا تعلم من أحد مدة عمره قبل الوحي وذلك أربعون سنة ثم بعد الأربعين جاءهم بهذا الكتاب العظيم المشتمل على نفائس العلوم وأخبار الماضين وفيه من الأحكام والآداب ومكارم الأخلاق والفصاحة والبلاغة ما أعجز البلغاء والفصحاء عن معارضته فكل من له عقل سليم وفكر ثاقب يعلم أن هذا لم يحصل إلا بوحي من الله تعالى لا من عند نفسه وهو قوله ) أفلا تعقلون ( يعني أن هذا القرآن من عند الله أوحاه إليّ لا من قبل نفسي
( ق ) عن ابن عباس قال : أنزل على رسول الله ( ﷺ ) وهو ابن أربعين سنة فمكث ثلاث عشرة سنة يوحى إليه ثم أمر بالهجرة فهاجر إلى المدينة فمكث بها عشر سنين ثم توفي ( ﷺ ) : في رواية أن رسول الله ( ﷺ ) أقام بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة، وفي رواية أن النبي ( ﷺ ) أقام بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة، وفي رواية أن النبي أقام بمكة خمس عشرة سنة يسمع الصوت ويرى الضوء سبع سنين ولا يرى شيئاً وثمان سنين يوحى إليه وأقام بالمدينة عشراً أو توفي وهو ابن خمس وستين سنة أخرجاه في الصحيحين
( ق ) عن عائشة قالت : توفي رسول الله ( ﷺ ) وهو ابن ثلاث وستين سنة.
أخرجاه في الصحيحين ( م ) عن أنس قال : قبض رسول الله ( ﷺ ) وهو ابن ثلاث وستين سنة وأبو بكر