صفحة رقم ١٩٥
المذكور عليه والفاء داخلة لمعنى الشرط فكأنه قيل : إن فرحوا بشيء فليخصوهما بالفرح، فإنه لا مفروح به أحق منهما، والفرح : لذة في القلب بإدراك المحبوب والمشتهى.
يقال : فرحت بكذا إذا أدركت المأمول ولذلك أكثر ما يستعمل الفرح في اللذات البدنية الدنيوية واستعمل هنا فيما يرغب فيه من الخيرات ومعنى الآية ليفرح المؤمنون بفضل الله ورحمته أي ما آتاهم الله من المواعظ وشفاء الصدور وثلج اليقين بالإيمان وسكون النفس إليه ) هو خير مما يجمعون ( يعني من متاع الدنيا ولذاتها الفانية هذا مذهب أهل المعاني في هذه الآية.
وأما مذهب المفسرين فغير هذا، فإن ابن عباس والحسن وقتادة قالوا : فضل الله الإسلام ورحمته القرآن وقال أبو سعيد الخدري : فضل الله القرآن ورحمته أن جعلنا من أهله.
وقال ابن عمر : فضل الله الإسلام ورحمته تزيينه في قلوبنا.
وقيل : فضل الله الإسلام ورحمته الجنة.
وقيل : فضل الله القرآن ورحمته السنن.
فعلى هذا الباء في بفضل الله تتعلق بمحذوف يفسره ما يعده تقديره قل فليفرحوا بفضل الله وبرحمته ) قل ( أي قل يا محمد لكفار مكة ) أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق ( يعني من زرع وضرع وغيرهما وعبر عما في الأرض بالإنزال لأن جميع ما في الأرض من خير ورزق فإنما هو من بركات السماء ) فجعلتم منه ( يعني من ذلك الرزق ) حراماً وحلالاً ( يعني ما حرموه على أنفسهم في الجاهلية من الحرث والأنعام، كالبحيرة والسائبة والوصيلة والحامي.
قال الضحاك : هو قوله سبحانه وتعالى :( وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً ( ) قل آلله أذن لكم ( يعني : قل لهم يا محمد آلله أذن لكم في هذا التحريم ) أم على الله تفترون ( يعني بل أنتم كاذبون على الله في ادعائكم أن الله أمرنا بهذا ) وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة ( يعني : إذا لقوه يوم القيامة أيحسبون أنه لا يؤاخذهم على أعمالهم فهو استفهام بمعنى التوبيخ والتقريع والوعيد العظيم لمن يفتري على الله الكذب ) إن الله لذو فضل على الناس ( يعني ببعثة الرسل وإنزال الكتب لبيان الحلال والحرام ) ولكن أكثرهم لا يشكرون ( يعني : لا يشكرون الله على ذلك الفضل والإحسان.
يونس :( ٦١ - ٦٣ ) وما تكون في...
" وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون " ( قوله سبحانه وتعالى :( وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ( الخطاب للنبي ( ﷺ ) وحده والشأن الخطب والحال والأمر الذي يتفق ويصلح ولا يقال إلا فيما يعظم من الأحوال والأمور والجمع الشؤون تقول العرب ما شأن فلان أي ما ماله.
والشأن اسم إذا كان بمعنى الخطب والحال ويكون مصدراً إذا كان معناه القصد والذي في هذه الآية يجوز أن يكون المراد به الاسم.
قال ابن عباس : معناه، وما تكون يا محمد في شأن يريد من أعمال البر ؟ وقال الحسن : في شأن من شؤون الدنيا وحوائجك ويجوز أن يكون المراد منه القصد يعني قصد الشيء وما تتلو منه من قرآن.
اختلفوا في الضمير في منه إلى ماذا يعود فقيل : يعود إلى الشأن إذا تلاوة القرآن شأن من شؤون رسول الله ( ﷺ ) بل هو أعظم شؤونه، فعلى هذا يكون داخلاً تحت قوله تعالى : وما تكون في شأن إلا أنه سبحانه وتعالى خصة بالذكر لشرفه وعلو مرتبته.
وقيل : إنه راجع إلى القرآن لأنه قد تقدم ذكره في قوله سبحانه وتعالى قل بفضل الله وبرحمته، فعلى هذا يكون المعنى وما تتلو من القرآن من قرآن يعني من سورة وشيء منه لأن لفظ القرآن يطلق على جميعه وعلى بعضه.
وقيل : الضمير في منه راجع إلى الله والمعنى وما تتلو من الله من قرآن نازل عليك.
وأما قول سبحانه وتعالى :( ولا تعملون من عمل ( فإنه خطاب للنبي ( ﷺ ) وأمته