صفحة رقم ٢٢٩
الظالمين ) قالوا يا نوح قد جادلتنا ( يعني خاصمتنا ) فأكثرت جدالنا ( يعني خصومتنا ) فأتنا بما تعدنا ( يعني من العذاب ) إن كنت من الصادقين ( يعني في دعواك أنك رسول الله إلينا ) قال إنما يأتيكم به الله إن شاء ( يعني قال نوح لقومه حين استعجلوه بإنزال العذاب إن ذلك ليس إليّ إنما هو إلى الله ينزله متى شاء وعلى من يشاء إن أراد إنزال العذاب بكم ) وما أنتم بمعجزين ( يعني وما أنتم بفائتين إن أراد الله نزول العذاب بكم ) ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم ( يعني ولا ينفعكم إنذاري وتحذيري إياكم عقوبته ونزول العذاب ) إن كان الله يريد أن يغويكم ( يعني يضلكم وقيل يهلككم وهذا معنى وليس بتفسير لأن الإغواء يؤدي إلى الهلاك ) هو ربكم ( يعني أنه سبحانه وتعالى هو يملككم فلا تقدرون على الخروج من سلطانه ) وإليه ترجعون ( يعني في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم ) أم يقولون افتراه ( أي اختلقه وجاء به من عند نفسه والضمير يعود إلى الوحي الذي جاءهم به ) قل إن افتريته ( أي اختلقته ) فعلي إجرامي ( أي إثم إجرامي والإجرام اقتراف السيئة واكتسابها يقال جرم وأجرم بمعنى أنه اكتسب الذنب وافتعله ) وأنا بريء مما تجرمون ( يعني من الكفر والتكذيب وأكثر المفسرين على أن هذا من محاورة نوح قومه فهي من قصة نوح عليه السلام وقال مقاتل ) أم يقولون ( يعني المشركين من كفار مكة افتراه يعني محمداً ( ﷺ ) اختلق القرآن من عند نفسه فعلى هذا القول تكون هذه الآية معترضة في قصة نوح ثم رجع إلى القصة فقال سبحانه وتعالى :( وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ( قال ابن عباس إن قوم نوح كانوا يضربون نوحاً حتى يسقط فيلفونه في لبد ويلقونه في بيت يظنون أنه قد مات فيخرج في اليوم الثاني ويدعوهم إلى الله ويروي أن شيخاً منهم جاء متكئاً على عصاه ومعه ابنه فقال يا بني لا يغرنك هذا الشيخ المجنون فقال يا أبت أمكني من العصا فأخذه من أبيه وضرب بها نوحاً عليه السلام حتى شجه شجة منكرة فأوحى الله إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ) فلا تبتئس ( يعني فلا تحزن عليهم فإني مهلكهم ) بما كانوا يفعلون ( يعني بسبب كفرهم وأفعالهم فحينئذ دعا نوح عليه السلام عليهم فقال ) رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً ( " وحكى محمد بن إسحاق عن عبد الله بن عمير الليثي أنه بلغه أنهم كانوا يبسطون نوحاً فيخنقونه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون حتى تمادوا في المعصية واشتد عليه فإذا فاق قال رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون حتى تمادوا في المعصية واشتد عليه منهم البلاء وهو ينتظر الجيل بعد الجيل فلا يأتي قرن إلا كان أنحس من الذي قبله ولقد كان يأتي القرن الآخر منهم فيقول قد كان هذا الشيخ مع آبائنا وأجدادنا هكذا مجنوناً فلا يقبلون منه شيئاً فشكا نوح إلى الله عز وجل فقال يا رب ) أني دعوت قومي ليلاً ونهاراً ( " الآيات حتى بلغ رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً فأوحى الله سبحانه وتعالى إليه.
هود :( ٣٧ - ٣٨ ) واصنع الفلك بأعيننا...
" واصنع الفلك بأعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون " ( ) واصنع فلك ( يعني السفينة والفلك لفظ يطلق على الواحد والجمع ) بأعيننا ( قال ابن عباس