صفحة رقم ٢٥٦
في الدين فتجاوزوا ما أمرتكم به ونهيتكم عنه ) إنه بما تعملون بصير ( يعني أنه سبحانه وتعالى عالم بأعمالكم لا يخفى عليه شيء منها قال ابن عباس : ما نزلت آية على رسول الله ( ﷺ ) هي أشد عليه من هذه الآية ولذلك قال شيبتني هود وأخواتها
( خ ) عن أبي هريرة عن النبي ( ﷺ ) قال ( إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة ) قوله : إن الدين يسر، اليسر ضد العسر وأراد به التسهيل في الدين وترك التشدد فإن هذا الدين مع يسره وسهولته قوي فلن يغالب ولن يقاوى فسددوا أي اقصدوا السداد من الأمور وهو الصواب وقاربوا أي اطلبوا المقاربة وهي القصد الذي لا غلو فيه ولا تقصير والغدوة الرواح بكرة والرواح الرجوع عشياً والمراد منه اعملوا أطراف النهار وقتاً وقتاً والدلجة سير الليل والمراد مه اعملوا بالنهار واعملوا بالليل أيضاً وقوله شيء من الدلجة إشارة إلى تقليله.
وقوله تعالى :( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا ( قال ابن عباس : ولا تميلوا والركون هو المحبة والميل بالقلب، وقال أبو العالية : لا ترضوا بأعمالهم، وقال السدي : لا تداهنوا الظلمة، وعن عكرمة لا تطيعوهم، وقيل : معناه ولا تسكنوا إلى الذين ظلموا ) فتمسكم النار ( يعني فتصيبكم النار بحرها ) وما لكم من دون الله من أولياء ( يعني أعواناً وأنصاراً يمنعونكم من عذابه ) ثم لا تنصرون ( يعني ثم لا تجدون لكم من ينصركم ويخلصكم من عقاب الله غداً في القيامة ففيه وعيد لمن ركن إلى الظلمة أو رضي بأعمالهم أو أحبهم فكيف حال الظلمة في أنفسهم نعوذ بالله من الظلم.
قوله عز وجل :( وأقم الصلاة طرفي النهار ( سبب نزول هذه الآية ما رواه الترمذي عن أبي اليسر قال ( أتتني امرأة تبتاع تمراًَ فقلت إن في البيت تمراً هو أطيب منه فدخلت معي فأهويت إليها فقبلتها فأتيت أبا بكر فذكرت ذلك له فقال استر على نفسك وتب ولا تخبر أحداً فلم أصبر فأتيت عمر فذكرت ذلك له فقال استر على نفسك وتب ولا تخبر أحداً فلم أصبر فأتيت رسول الله ( ﷺ ) فذكرت ذلك له فقال أخلفت غازياً في سبيل الله في أهله بمثل هذا حتى تمنى أنه لم يكن أسلم إلا تلك الساعة حتى ظن أنه من أهل النار قال وأطرق رسول الله ( ﷺ ) طويلاً حتى أوحى الله إليه وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إلى قوله ذلك ذكرى للذاكرين.
قال أبو اليسر : فأتيته فقرأها رسول الله ( ﷺ ) فقال أصحابه يا رسول الله ألهذا خاصة أم للناس عامة قال ) بل للناس عامة ( قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب وقيس بن الربيع ضعّفه وكيع وغيره وأبو اليسر هو كعب بن عمرو
( ق ).
عن عبد الله بن مسعود ) أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي ( ﷺ ) فذكر ذلك له فنزلت ) وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل ( الآية فقال الرجل يا رسول الله ألي هذه الآية قال لمن عمل بها من أمتي وفي رواية فقال رجل من القوم يا نبي الله هذه له خاصة قال ( بل للناس كافة ) عن معاذ بن جبل قال ( أتى النبي ( ﷺ ) رجل فقال يا رسول الله أرأيت رجلاً لقي امرأة وليس بينهما معرفة فليس يأتي الرجل إلى امرأته شيئاً إلا قد أتى هو إليها إلا أنه لم يجامعها قال فأنزل الله عز وجل ) وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ( فأمره النبي ( ﷺ ) أن يتوضأ ويصلي قال معاذ فقلت يا رسول الله أهي له خاصة أم للمؤمنين عامة ؟ فقال :( بل للمؤمنين عامة ؟ ( أخرجه الترمذي وقال هذا الحديث ليس بمتصل لأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ.
أما التفسير فقوله سبحانه وتعالى :( وأقم الصلاة طرفي النهار ( يعني صلاة الغداة والعشي