صفحة رقم ٢٥٨
عنه والقرظي والضحاك وجمهور المفسرين ) ذلك ( إشارة إلى ما تقدم ذكره من الاستقامة والتوبة وقيل هو إشارة إلى القرآن ) ذكرى للذاكرين ( يعني عظة للمؤمنين المطيعين ) واصبر ( الخطاب للنبي ( ﷺ ) يعني واصبر يا محمد على أذى قومك وما تلقاه منهم، وقيل معناه واصبر على الصلاة ) فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ( يعني أعمالهم، قال ابن عباس : يعني المصلين.
هود :( ١١٦ - ١١٩ ) فلولا كان من...
" فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين " ( قوله سبحانه وتعالى :( فلولا كان من القرون ( يعني فهلا كان من القرون التي أهلكناهم ) من قبلكم ( يعني يا أمة محمد ) أولو بقية ( يعني أولوا تمييز وطاعة وخير يقال فلان ذو بقية إذا كان فيه خير وقيل معناه أولوا بقية من خير يقال فلان على بقية من الخير إذا كان على خصلة محمودة ) ينهون عن الفساد في الأرض ( يعني يقومون بالنهي عن الفساد في الأرض والآية للتقريع والتوبيخ يعني لم يكن فيهم من فيه خير ينهى عن الفساد عن الأرض فلذلك أهلكناهم ) إلا قليلاً ( هذا استثناء منقطع معناه لكن قليلاً ) ممن أنجينا منهم ( يعني من آمن الأمم الماضية وهم أتباع الأنبياء كانوا ينهون عن الفساد في الأرض ) واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه ( يعني واتبع الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي ما تنعموا فيه والترف التنعم والمعنى أنهم اتبعوا ما تعودوا به من النعم وإيثار اللذات على الآخرة ونعيمها ) وكانوا مجرمين ( يعني كافرين ) وما كان ربك ( يعني وما كان ربك يا محمد ) ليهلك القرى بظلم ( يعني لا يهلكهم بظلم منه ) وأهلها مصلحون ( يعني : في أعمالهم ولكن يهلكهم بكفرهم وركوبهم السيئات، وقيل : في معنى الآية وما كان ربك ليهلك القرى بمجرد شركهم إذا كانوا مصلحين يعني يعامل بعضهم بعضاً بالصلاح والسداد والمراد من الهلاك عذاب الاستئصال في الدنيا أما عذاب الآخرة فهو لازم لهم ولهذا قال بعض الفقهاء إن حقوق الله مبناها على المسامحة والمساهلة وحقوق العباد مبناها على التضييق والتشديد قوله عز وجل :( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ( يعني كلهم على دين واحد وشريعة واحدة ) ولا يزالون مختلفين ( يعني على أديان شتى ما بين يهودي ونصراني ومجوسي ومشرك ومسلم فكل أهل دين من هذه الأديان قد اختلفوا في دينهم أيضاً اختلافاً كثيراً لا ينضبط عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله ( ﷺ ) قال ( تفرق اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين والنصارى مثل ذلك وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ) أخرجه أبو داود والترمذي بنحوه عن معاوية قال ( قام فينا رسول الله ( ﷺ ) فقال : ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين فرقة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة