صفحة رقم ٢٦٧
غير قاصد به مقصداً صحيحاً سئل أبو عمرو بن العلاء كيف قالوا نلعب وهم الأنبياء فقال كم يكونوا يومئذ أنبياء ويحتمل أن يكون المراد باللعب هنا الإقدام على المباحات لأجل إنشراح الصدر ومنه قوله ( ﷺ ) لجابر رضي الله عنه ( هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك ) وأيضاً فإن لعبهم كان الاستباق وهو غرض صحيح مباح لما فيه من المحاربة والإقدام على الأقران الحرب بدليل قوله نستبق وإنما سموه لعباً لأنه في صورة اللعب وقيل في معنى نرتع ونلعب نتنعم ونأكل ونلهو وننشط ) وإنا له لحافظون ( يعني نجتهد في حفظه غاية الاجتهاد حتى نرده إليك سالماً ) قال ( يعني قال لهم يعقوب عليه الصلاة والسلام ) إني ليحزنني أن تذهبوا به ( أي : ذهابكم به والحزن هنا ألم القلب بفراق المحبوب ومعنى الآية أنه لما طلبوا منه أن يرسل معهم يوسف عليه الصلاة والسلام اعتذر يعقوب عليه الصلاة والسلام بعذرين أحدهما أن ذهابهم به ومفارقته إياهم يحزنه لأنه كان لا يقدر أن يصبر عنه ساعة والثاني قوله ) وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ( يعني إذا غفلوا عنه برعيهم ولعبهم وذلك أن يعقوب عليه الصلاة والسلام كان رأى في المنام أن ذئباً شد على يوسف عليه الصلاة والسلام فكان يعقوب يخاف عليه من ذلك وقيل كانت الذئاب في أرضهم كثيرة ) قالوا ( يعني قال إخوة يوسف مجيبين ليعقوب ) لئن أكله الذئب ونحن عصبة ( أي جماعة عشرة رجال ) إنا إذاً لخاسرون ( يعني عجزة ضعفاء وقيل إنهم خافوا أن يدعو عليهم يعقوب بالخسار والبوار وقيل معناه إنا إذا لم نقدر على حفظ أخينا فكيف نقدر على حفظ مواشينا فنحن إذاً خاسرون.
قوله عز وجل :( فلما ذهبوا به ( فيه إضمار واختصار تقديره فأرسله معهم فلما ذهبوا به ) وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب ( يعني وعزموا على أن يلقوه في غيابة الجب.
ذكر قصة ذهابهم بيوسف عليه الصلاة والسلام
قال وهب، وغيره من أهل السير والإخبار : إن إخوة يوسف قالوا له أما تشتاق أن تخرج معنا إلى مواشينا فنصيد ونستبق قال بلى قالوا له أنسأل أباك أن يرسلك معنا، قال يوسف : افعلوا فدخلوا بجماعتهم على يعقوب، فقالوا : يا أبانا إن يوسف قد أحب أن يخرج معنا إلى مواشينا فقال يعقوب : ما تقول يا بني ؟ قال : نعم يا أبت إني أرى من إخوتي اللين واللطف فأحب أن تأذن لي، وكان يعقوب يكره مفارقته ويحب مرضاته فأذن له وأرسله معهم فلما خرجوا به من عند يعقوب جعلوا يحملونه على رقابهم ويعقوب ينظر إليه فلما بعدوا عنه وصاروا إلى الصحراء وألقوه على الأرض وأظهروا له ما في أنفسهم من العداوة وأغلظوا له القول وجعلوا يضربونه فجعل كلما جاء إلى واحد منهم واستغاث به ضربه فلما فطن لما عزموا عليه من قتله جعل ينادي يا أبتاه يا يعقوب لو رأيت يوسف وما نزل به من إخوته لأحزنك ذلك وأبكاك يا أبتاه ما أسرع ما نسوا عهدك وضيعوا وصيتك وجعل يبكي بكاء شديداً فأخذه روبيل وجلد به الأرض ثم جثم على صدره وأراد قتله، فقال له يوسف : مهلاً يا أخي لا تقتلني، فقال له : يا ابن راحيل أنت صاحب الأحلام قل لرؤياك تخلصك من أيدينا ولوى عنقه، فاستغاث يوسف بيهوذا وقال له اتق الله فيّ وحلّ بيني وبين من يريد قتلي فأدركته رحمة الإخوة ورق


الصفحة التالية
Icon