صفحة رقم ٢٨٨
يؤكل فيهن كل ما أعددتم وادخرتم لهن من الطعام وإنما أضاف الأكل إلى السنين على طريق التوسع في الكلام ) إلا قليلاً مما تحصنون ( يعني تحرزون وتدخرون للبذر، والإحصان الإحراز وهو إبقاء الشي في الحصن بحيث يحفظ ولا يضيع.
يوسف :( ٤٩ - ٥٢ ) ثم يأتي من...
" ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين " ( ) ثم يأتي من بعد ذلك ( يعني من بعد هذه السنين المجدبة ) عام فيه يغاث الناس ( أي يمطرون من الغيث الذي هو المطر، وقيل : هو من قولهم استغثت بفلان فأغاثني من الغوث ) وفيه يعصرون ( يعني يعصرون العنب خمراً والزيتون زيتاً والسمسم دهناً أراد به كثرة الخير والنعم على الناس وكثرة الخصب في الزرع والثمار، وقيل يعصرون معناه ينجون من الكرب والشدة والجدب.
قوله عز وجل :( وقال الملك ائتوني به ( وذلك أن الساقي لما رجع إلى الملك وأخبره بفتيا يوسف وما عبر برؤياه استحسنه الملك وعرف أن الذي قاله كائن لا محالة فقال ائتنوني به حتى أبصر هذا الرجل الذي قد عبر رؤياي بهذه العبارة فرجع الساقي إلى يوسف وقال له أجب الملك فذلك قوله تعالى :( فلما جاءه الرسول ( فأبى أن يخرج معه حتى تظهر براءته للملك ولا يراه بعين النقص ) قال ( يعني قال يوسف للرسول ) ارجع إلى ربك ( يعني إلى سيدك وهو الملك ) فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ( ولم يصرح بذكر امرأة العزيز أدباً واحتراماً لها
( ق ) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( لو لبثت في السجن طول لبث يوسف لأجبت الداعي ) أخرجه الترمذي، وزاد فيه ( ثم قرأ فلما جاء الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن ) هذا الحديث فيه بيان فضل يوسف عليه الصلاة والسلام وبيان قوة صبره وثباته والمراد بالداعي رسول الملك الذي جاءه من عنده فلم يخرج معه مبادراً إلى الراحة ومفارقة ما هو فيه من الضيق والسجن الطويل فلبث في السجن وأرسل الملك في كشف أمره الذي سجن بسبه لتظهر براءته عند الملك وغيره فأثنى رسول الله ( ﷺ ) على يوسف عليه الصلاة والسلام وبين فضيلته وحسن صبره على المحنة والبلاء وقوله :( إن ربي بكيدهن عليم ( يعني أن الله تعالى عالم بصنيعهن وما احتلن في هذه الواقعة من الحيل العظيمة فرجع الرسول من عند يوسف إلى الملك بهذه الرسالة فجمع الملك النسوة وامرأة العزيز معهن و ) قال ( لهن ) ما خطبكن ( أي شأنكن وأمركن ) إذ راودتن يوسف عن نفسه ( إنما خاطب الملك جميع النسوة بهذا الخطاب، والمراد بذلك امرأة العزيز وحدها ليكون أستر لها وقيل إن امرأة العزيز راودته عن نفسه وحدها وسائر النسوة أمرنه بطاعتها فلذلك خاطبهن بهذا الخطاب ) قلن ( يعني النسوة جميعاً مجيبات للملك ) حاش لله ( يعني معاذ الله ) ما علمنا عليه من سوء ( يعني من خيانة في شيء من الأشياء ) قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق ( يعني ظهر وتبين وقيل إن النسوة أقبلن على امرأة العزيز فعزرنها وقيل خافت


الصفحة التالية
Icon