صفحة رقم ٢٩٧
) هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل ( يعني كيف آمنكم على ولدي بنيامين وقد فعلتم بأخيه يوسف ما فعلتم وإنكم ذكرتم مثل هذا فكيف يحصل هاهنا ثم قال ) فالله خير حافظاً ( يعني أن حفظ الله خير من حفظكم له ففيه التفويض إلى الله تعالى والاعتماد عليه في جميع الأمور ) وهو أرحم الراحمين ( وظاهر هذا الكلام يدل على أنه أرسله معهم، وإنما أرسله معهم وقد شاهد ما فعلوا بيوسف لأنه لم يشاهد فيما بينهم وبين بنيامين من الحقد والحسد مثل ما كان بينهم وبين يوسف أو أن يعقوب شاهد منهم الخير والصلاح ولما كبروا فأرسله معهم أو أن شدة القحط وضيق الوقت أحوجه إلى ذلك.
قوله تعالى :( ولما فتحوا متاعهم ( يعني الذي حملوه من مصر فيحتمل أن يكون المراد به الطعام أو أوعية الطعام ) وجدوا بضاعتهم ردت إليهم ( يعني أنهم وجدوا في متاعهم ثمن الطعام الذي كانوا قد أعطوه ليوسف قد رد عليهم ودس في متاعهم ) قالوا يا أبانا ما نبغي ( يعني ماذا نبغي وأي شيء نطلب وذلك أنهم كانوا قد ذكروا ليعقوب إحسان ملك مصر إليهم وحثوا يعقوب على إرسال بنيامين معهم فلما فتحوا متاعهم ووجدوا بضاعتهم قد ردت إليهم قالوا أي شيء نطلب من الكلام بعد هذا العيان من الإحسان والإكرام أوفى لنا الكيل ورد علينا الثمن، وأرادوا بهذا الكلام تطييب قلب أبيهم ) هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ( يقال مار أهله يميرهم ميراً إذا حمل لهم الطعام وجلبه من بلد آخر إليهم والمعنى إنا نشتري لأهلنا الطعام ونحمله إليهم ) ونحفظ أخانا ( يعني بنيامين مما تخاف عليه حتى نرده إليك ) ونزداد كيل بعير ( يعني ونزداد لأجل أخينا على أحمالنا حمل بعي من الطعام ) ذلك كيل يسير ( يعني إن ذلك الحمل الذي نزداد من الطعام هين على الملك لأنه قد أحسن إلينا وأكرمنا بأكثر من ذلك وقيل معناه أن الذي حملناه معنا كيل يسير قليل لا يكفينا وأهلنا.
يوسف :( ٦٦ - ٦٨ ) قال لن أرسله...
" قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون " ( ) قال ( يعني قال لهم يعقوب ) لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقاً من الله ( يعني لن أرسل معكم بنيامين حتى تؤتون عهد الله وميثاقه والموثق العهد المؤكد باليمين، وقيل هو المؤكد بإشهاد الله عليه ) لتأتنني به ( دخلت اللام هنا لأجل اليمين وتقدريه حتى تحلفوا بالله لتأتنني به ) إلا أن يحاط بكم ( قال مجاهد : إلا أن تهلكوا جميعاً فيكون عذراً لكم عندي، لأن العرب تقول أحيط بفلان إن هلك أو قارب هلاكه.
وقال قتادة : إلا أن تغلبوا جميع فلا تقدروا على الرجوع ) فلما آتوه موثقهم ( يعني فلما أعطوه عهدهم وحلفوا له ) قال الله على ما نقول وكيل ( يعني قال يعقوب الله شاهد على ما نقول كأن الشاهد وكيل بمعنى أنه موكول