صفحة رقم ٣١٤
بقوله ) يغفر الله لكم (.
والقول الثاني : أن اليوم متعلق بقوله يغفر الله لكم فعلى هذا يحسن الوقف على قوله لا تثريب عليكم ويبتدئ باليوم يغفر الله لكم كأنه لما نفى عنهم التوبيخ والتقريع بقوله لا تثريب عليكم بشرهم بقوله اليوم يغفر الله لكم ) وهو أرحم الراحمين ( ولما عرفهم يوسف نفسه سألهم عن حال أبيه فقال ما حال أبي بعدي ؟ قالوا ذهب بصره من كثرة البكاء عليك فأعطاهم قميصه.
يوسف :( ٩٣ - ٩٥ ) اذهبوا بقميصي هذا...
" اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم " ( ) اذهبوا بقميصي هذا ( قال الضحاك كان هذا القميص من نسج الجنة، وقال مجاهد : أمره جبريل أن يرسل إليه قميصه وكان ذلك القميص قميص إبراهيم وذلك أنه لما جرد من ثيابه وألقي في النار عرياناً أتاه جبريل بقميص من حرير الجنة فألبسه إياه فكان ذلك القميص عند إبراهيم، فلما مات ورثه إسحاق فلما مات ورثه يعقوب فلما شب يوسف جعل يعقوب ذلك القميص في قصبة من فضة وسد رأسها وجعلها في عنق يوسف كالتعاويذ لما كان يخاف عليه من العين وكانت لا تفارقه فلما ألقي يوسف في البئر عرياناً أتاه جبريل وأخرج ذلك القميص وألبسه إياه فلما كان هذا الوقت جاءه جبريل فأمره أن يرسل هذا القميص إلى أبيه لأن فيه ريح الجنة فلا يقع على مبتلى ولا سقيم إلا عوفي في الوقت فدفع ذلك القميص يوسف إلى إخوته وقال اذهبوا بقميصي هذا ) فألقوه على وجه أبي يأت بصيراً ( قال المحققون : إن علم يوسف أن إلقاء ذلك القميص على وجه يعقوب يوجب رد البصر كان بوحي الله إليه ذلك ويمكن أن يقال إن يوسف لما علم أن أباه قد عمي من كثرة البكاء عليه وضيق الصدر بعث إليه قميصه ليجد ريحه فيزول بكاؤه وينشرح صدره ويفرح قلبه فعند ذلك يزول الضعف ويقوى البضر فهذا القدر تمكن معرفته من جهة العقل وقوله ) وأتوني بأهلكم أجمعين ( قال الكلبي : كانوا نحواً من سبعين إنساناً وقال مسروق : كانوا ثلاثة وسبعين ما بين رجل وامرأة ) ولما فصلت العير ( يعني خرجت من مصر وقيل من عريش مصر متوجهين إلى أرض كنعان ) قال أبوهم ( يعني : قال يعقوب لولد ولده ) إني لأجد ريح يوسف ( قيل : إن ريح الصبا استأذنت ربها في أن تأتي يعقوب بريح يوسف قبل أن يأتيه البشير، وقال مجاهد : أصابت يعقوب ريح يوسف من مسيرة ثلاث أيام، وقال ابن عباس : من مسيرة ثمان ليل وقال الحسن كان بينهما ثمانون فرسخاً، وقيل : هبت ريح فاحتملت ريح القميص إلى يعقوب فوجد يعقوب ريح الجنة فعلم أنه ليس في الأرض من ريح الجنة إلا ما كان من ذلك القميص فعلم بذلك أنه من ريح يوسف فلذلك قال : إني لأجد ريح يوسف ) لولا أن تفندون ( أصل التفنيد من الفند وهو ضعف الرأي وقال ابن الأنباري أفند الرجل إذا خرف وفند إذا جهل ونسب


الصفحة التالية
Icon