صفحة رقم ٥٩
الحج الأكبر يوم النحر والحج الأكبر الحج وإنما قيل الحج الأكبر من أجل قول الناس للعمرة الحج الأصغر قال فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك فلم يحج في العام القابل الذي حج فيه حج فيه النبي ( ﷺ ) حجة الوداع مشرك وأنزل الله في العام الذي نبذ فيه أبو بكر إلى المشركين ) يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله ( الآية.
( فصل )
قد يتوهم متوهم أن في بعث علي بن أبي طالب بقراءة أول براءة عزل أبي بكر عن الإمارة وتفضيله على أبي بكر وذلك جهل من هذا المتوهم ويدل على أن أبا بكر لم يزل أميراً على الموسم في تلك السنة أول حديث أبي هريرة المتقدم أن أبا بكر بعثه في رهط يؤذنون في الناس الحديث وفي لفظ أبو داود والنسائي قال بعثني أبو بكر فيمن يؤذن في يوم النحر بمنى أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان فقوله بعثني أبو بكر فيه دليل على أن أبا بكر كان هو الأمير على الناس وهو الذي أقام للناس حجهم وعلمهم مناسكهم وأجاب العلماء عن بعث رسول الله ( ﷺ ) علياً ليؤذن في الناس ببراة بأن عادة العرب جرت أن لا يتولى تقرير العهد ونقضه إلا سيد القبيلة وكبيرها أو رجل من أقاربه وكان علي بن أبي طالب أقرب إلى النبي ( ﷺ ) من أبي بكر لأنه ابن عمه ومن رهطه فبعثه النبي ( ﷺ ) ليؤذن عنه ببراءة إزاحة لهذه العلة لئلا يقولوا هذا على خلاف ما نعرفه من عادتنا في عقد العهود ونقضها وقيل لما خص أبا بكر بتوليته على الموسم خص علياً بتبليغ هذه الرسالة تطييباً لقلبه ورعاية لجانبه وقيل إنما بعث علياً في هذه الرسالة حتى يصلي خلف أبي بكر ويكون جارياً مجرى التنبيه على إمامة أبي بكر بعد رسول الله ( ﷺ ) لأن النبي ( ﷺ ) بعث أبا بكر أميراً على الحجاج وولاه الموسم وبعث علياً خلفه ليقرأ على الناس براءة فكان أبو بكر الإمام وعلي المؤتم وكان أبو بكر الخطيب وعلي المستمع وكان أبو بكر المتولى أمر الموسم والأمير علىالناس ولم يكن ذلك لعلي فدل ذلك على تقديم أبي بكر على علي وفضله عليه والله أعلم.
وقوله تعالى :( واعلموا أنكم غير معجزي الله ( يعني أن هذا الإمهال ليس لعجز عنكم ولكن لمصلحة ولطف بكم ليتوب تائب وقيل : معناه فسيحوا في الأرض أربعة أشهر عالمين أنكم لا تعجزون الله بل هو يعجزكم ويأخذكم لأنكم في ملكه وقبضته وتحت قهره وسلطانه وقيل معناه إنما أمهلكم هذه المدة لأنه لا يخاف الفوت ولا يعجزه شيء ) وأن الله مخزي الكافرين ( يعين بالقتل والعذاب في الآخرة.