صفحة رقم ٧٤
( ﷺ ) هذا حين حمي الوطيس قال ثم أخذ رسول الله ( ﷺ ) حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ثم قال :( انهزموا ورب محمد ) قال : فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى قال : فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصيانه فما زلت أرى حدهم كليلاً وأمرهم مدبراً.
قوله حمي الوطيس، أي اشتد الحرب.
قال الخطابي : هذه الكلمة لم تسمع قبل أن يقولها النبي ( ﷺ ) من العرب وهي ما اقتضبه وأنشأه.
والوطيس في اللغة : التنور.
وقوله : حدهم كليلاً يعني لا يقطع شيئاً ( م ).
عن سلمة بن الأكوع قال : غزونا مع رسول الله ( ﷺ ) حنيناً قال : فلما غشوا رسول الله ( ﷺ ) نزل عن بغلته ثم قبض قبضة من تراب الأرض ثم استقبل به وجوههم.
وقال :( شاهدت الوجوه فما خلق الله منهم إنساناً إلا ملأ عينيه تراباً بتلك القبضة ) فولوا مدبرين فهزمهم الله بذلك وقسم رسول الله ( ﷺ ) غنائمهم بين المسلمين أخرجه مسلم بزيادة فيه قال سعيد بن جبير : أمد الله نبيه ( ﷺ ) بخمسة آلاف من الملائكة مسومين.
وروى أن رجلاً من بني نصر يقال له شجرة قال للمؤمنين بعد القتال : أين الخيل البالق والرجال عليهم ثياب بيض ما كنا نراهم فيكم إلا كهيئة الشامة وما كان قتلنا إلا بأيديهم فأخبر بذلك رسول الله ( ﷺ ) فقال : تلك الملائكة.
وروي أن رجلاً من المشركين قال يوم حنين لما التقينا وأصحاب محمد لم يقفوا لنا حلب شاة أن كشفناهم فبينا نحن نسوقهم حتى انتهينا إلى صاحب البغلة البيضاء فإذا هو رسول الله ( ﷺ ) فتلقانا عنده رجال بيض الوجوه حسان فقالوا لنا شاهت الوجوه ارجعوا.
قال : فانهزمنا وركبوا أكتافنا فكانت إياها.
واختلفوا هل قاتلت الملائكة يوم حنين على قولين والصحيح إنها لم تقاتل إلا يوم بدر وإنما كانت الملائكة يوم حنين مدداً وعوناً.
وذكر البغوي أن الزهري قال : بلغني أن شيبة بن عثمان قال استدبرت رسول الله ( ﷺ ) يوم حنين وأنا أريد قتله بطلحة بن عثمان وعثمان بن طلحة وكانا قد قتلا يوم أحد فأطلع الله رسوله على ما في نفسي فالتفت إليّ وضرب في صدري وقال أعيذك بالله يا شيبة فارعدت فرائصي فنظرت إليه وهو أحب إليّ من سمعي وبصري فقلت أشهد أنك رسول الله ( ﷺ ) قد أطلعك الله على ما في نفسي فلما هزم الله المشركين وولوا