صفحة رقم ٧٩
عليه وسلم وأصحابه المؤمنين والمعنى قاتلوا إيها المؤمنون القوم الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر.
فإن قلت اليهود والنصارى يزعمون أنهم يؤمنون بالله واليوم الآخر فكيف أخبر الله عنهم أنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ؟
قلت : إيمانهم بالله ليس كإيمان المؤمنين وذلك أن اليهود يعتقدون التجسيم والتشبيه، والنصارى يعتقدون الحلول، ومن اعتقد ذلك فليس بمؤمن بالله.
وقيل : من اعتقد أن عزيزاً ابن الله وأن المسيح ابن الله فليس بمؤمن بالله بل هو مشرك بالله.
وقيل : من كذب رسولاً من رسل الله فليس بمؤمن بالله واليهود والنصارى يكذبون أكثر الأنبياء فليسوا بمؤمنين بالله.
وأما إيمانهم باليوم الآخر، فليس كإيمان المؤمنين، وذلك أنهم يعتقدون بعثة الأرواح دون الأجساد ويعتقدون أن أهل الجنة لا يأكلون فيها ولا يشربون ولا ينكحون ومن اعتقد ذلك فليس إيمانه كإيمان المؤمنين وإن زعم أنه مؤمن.
وقوله تعالى :( ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ( يعني : ولا يحرمون الخمر والخنزير.
وقيل : معناه أنهم لا يحرمون ما حرم الله في القرآن ولا ما حرم رسوله في السنة.
وقيل : معناه لا يعملون بما في التوراة والإنجيل بل حرفوهما وأتوا بأحكام من قبل أنفسهم ) ولا يدينون دين الحق ( يعني : ولا يعتقدون صحة الإسلام الذي هو دين الحق.
وقيل : الحق هو الله تعالى ومعناه : ولا يدينون دين الله ودينه الإسلام وهو قوله تعالى إن الدين عند الله الإسلام وقيل معناه ولا يدينون دين أهل الحق وهم المسلمون ولا يطيعون الله كطاعتهم ) من الذين أوتوا الكتاب ( يعني أعطوا الكتاب وهم اليهود والنصارى ) حتى يعطوا الجزية ( وهي ما يعطى المعاهد من أهل الكتاب على عهده وهي الخراج المضروب على رقابهم سميت جزية للاجتزاء بها في حقن دمائهم ) عن يد ( يعني عن قهر وغلبة يقال لكل من أعطى شيئاً كرهاً من غير طيب نفس أعطى عن يد وقال ابن عباس : يعطونها بأيديهم ولا يرسلون بها على يد غيرهم وقيل : يعطونها نقداً لا نسيئة.
وقيل : يعطونها مع إقرارهم بإنعام المسلمين عليهم بقبولها منهم ) وهم صاغرون ( من الصغار وهو الذل والإهانة يعني يعطون الجزية وهم أذلاء مقهورون وقال عكرمة : يعطون الجزية وهم قائمون والقابض جالس.
وقال ابن عباس : تؤخذ الجزية من أحدهم وتوطأ عنقه وقال الكلبي : إذا أعطي يصفع قفاه وقال هو أن يؤخذ بلحيته ويضرب في لهزمتيه ويقال له أدِّ حق الله يا عدو الله وقال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه : الصغار هو جريان أحكام المسلمين عليهم.


الصفحة التالية
Icon