صفحة رقم ٨٦
التي كانوا يصيبونها من سفلتهم على تغيير نعت النبي ( ﷺ ) وصفته في كتبه لأنهم كانوا يخافون لو آمنوا به وصدقوه لذهب عنهم تلك المآكل وقيل إن التوارة كانت مشتملة على آيات دالة على نعت النبي ( ﷺ ) وكان الأحبار والرهبان يذكرون في تأويلها وجوهاً فاسدة باطلة ويحرفون معانيها طلباً للرياسة وأخذ الأموال ومنع الناس عن الإيمان به وذلك قوله تعالى :( ويصدون عن سبيل الله ( يعني ويمنعون الناس عن الإيمان بمحمد ( ﷺ ) والدخول في دين الإسلام ) والذين يكنزون الذهب والفضة ( أصل الكنز في اللغة جعل المال بعضه على بعض وحفظه ومال مكنوز مجموع واختلفوا في المراد بهؤلاء الذين ذمهم الله بسبب كنز الذهب والفضة فقيل هم أهل الكتاب.
قال معاوية بن أبي سفيان : لأن الله سبحانه وتعالى وصفهم بالحرص الشديد على أخذ أموال الناس بالباطل ثم وصفهم بالبخل الشديد وهو جمع المال ومنع إخراج الحقوق الواجبة منه.
وقال ابن عباس : نزلت في مانعي الزكاة من المسلمين وذلك أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر قبح طريق الأحبار والرهبان في الحرص على أخذ الأموال بالباطل حذر المسلمين من ذلك وذكر وعيد من جمع المال ومنع حقوق الله منه.
وقال أبو ذر : نزلت في أهل الكتاب وفي المسلمين.
ووجه هذا القول أن الله سبحانه وتعالى وصف أهل الكتاب بالحرص على أخذ أموال الناس بالباطل ثم ذكر بعده وعيد من جمع المال ومنع الحقوق الواجبة فيه سواء كان من أهل الكتاب أو من المسلمين
( خ )
عن زيد بن وهب قال : مررت بالربذة فإذا بأبي ذر فقلت : ما أنزلك هذا المنزل ؟ قال : كنت في الشأم فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية :( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ( فقال معاوية : نزلت في أهل الكتاب.
فقلت : نزلت فينا وفيهم فكان بيني وبينه في ذلك كلام فكتب إلى عثمان يشكوني فكتب إلي عثمان أن أقدم المدينة فقدمتها فكثر عليّ الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك فذكرت ذلك لعثمان فقال إن شئت تنحيت فكنت قريباً فذاك الذين أنزلني هذا المنزل ولو أمر على عبد حبشي لسمعت وأطعت واختلف العلماء في معنى الكنز فقيل هو كل مال وجبت فيه الزكاة فلم تؤد زكاته وروي عن ابن عمر : أنه قال له أعرابي أخبرني عن قول الله عز وجل :( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ( قال ابن عمر من كنزها فلم يؤد زكاتها ويل له هذا كان قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت جعلها الله طهراً للأموال.
أخرجه البخاري.
وفي رواية مالك عن عبد الله بن دينار قال : سمعت عبد الله بن عمر وهو يسأل عن الكنز ما هو فقال : هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة ورواه الطبري بسنده عن ابن عمر قال : كل مال أديت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفوناً وكل مال لم تؤد زكاته فهو الكنز الذي ذكره الله في القرآن يكوى به صاحبه وإن لم يكن مدفوناً.
وروي عن علي بن أبي طالب قال : أربعة آلاف فما فوقها كنز وما دونها نفقة.
وقيل : الكنز كل ما فضل من المال عن حاجة صاحبه إليه.
وروي الطبري بسنده عن أبي أمامة قال : توفي رجل من أهل الصفة فوجد في مئزره دينار فقال النبي ( ﷺ ) كية ثم توفي آخر فوجد في مئزره ديناران فقال النبي ( ﷺ ) كيتان كان هذا في أول الإسلام قبل أن تفرض الزكاة فكان يجب على كل من فضل معه شيء من المال إخراجه لاحتياج غيره إليه فلما فرضت الزكاة نسخ


الصفحة التالية
Icon