صفحة رقم ٨٩
والبذل وهذا دأب ما نعى البر والإحسان.
وعادة البخلاء فلذلك خص هذه الأعضاء الثلاثة بالكي يوم القيامة.
وقوله سبحانه وتعالى :( هذا ما كنزتم لأنفسكم ( أي يقال لهم ذلك يوم القيامة ) فذوقوا ما كنتم تكنزون ( أي فذوقوا عذاب ما كنزتم في الدنيا من الأموال ومنعتم حق الله منها
( ق ) عن الأحنف بن قيس قال : قدمت المدينة فبينا أنا في حلقة فيها ملأ من قريش إذ جاء رجل خشن الثياب خشن الجسد خشن الوجه فقام عليهم فقال بشر الكانزين برضف يحمى عليه في نار جهنم فيوضع على حلمة ثدي أحدهم حتى يخرج من نغض كتفيه ويوضع على نغض كتفيه حتى يخرج من حلمة ثدييه يتزلزل قال فوضع القوم رؤوسهم فما رأيت أحداً منهم رجع إليه شيئاً قال فأدبر فاتبعته حتى جلس إلى سارية فقلت ما رأيت هؤلاء إلا كرهوا ما قلت لهم فقال : إن هؤلاء لا يعقلون شيئاً هذا لفظ مسلم وفيه زيادة لم أذكرها.
وزاد البخاري قلت : من هذا ؟ قالوا : أبا ذر.
قال : فقمت إليه فقلت ما شيء سمعتك تقول قبيل فقال ما قلت إلا شيئاً سمعته من نبيهم ( ﷺ ).
قوله عز وجل :( إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً ( هي : المحرم، وصفر، وربيع الأول، وربيع الآخر، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة، ورجب، وشعبان، ورمضان، وشوال، وذو القعدة، وذو الحجة، وهذه شهور السنة القمرية التي هي مبنية على سير القمر في المنازل وهي شهور العرب التي يعتد بها المسلمون في صيامهم ومواقيت حجهم وأعيادهم وسائر أمورهم وأحكامهم وأيام هذه الشهور ثلثمائة وخمس وخمسون يوماً والسنة الشمسية عبارة عن دور الشمس في الفلك دورة تامة وهي ثلثمائة وخمسة وستون يوماً وربع يوم فتنقص السنة الهلالية عن السنة الشمسية عشرة أيام فبسبب هذا النقصان تدور السنة الهلالية فيقع الحج والصوم تارة في الشتاء وتارة في الصيف.
قال المفسرون : وسبب نزول هذه الآية من أجل النسيء الذي كانت العرب تفعله في الجاهلية فكان يقع حجهم تارة في وقته وتارة في المحرم وتارة في صفر وتارة في غيره من الشهور فأعلم الله عز وجل أن عدة الشهور سنة المسلمين التي يعتدون بها اثنا عشر شهراً على منازل القمر وسيره فيها وهو قوله تبارك وتعالى إن عدة الشهور عند الله يعني في علمه وحكمه اثنا عشر شهراً ) في كتاب الله ( يعني في اللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه جميع أحوال الخلق وما يأتون وما يذرون.
وقيل : أراد بكتاب الله القرآن لأن فيه آيات تدل على الحساب ومنازل القمر وقيل أراد بكتاب الله الحكم الذي أوجبه وأمر عباده بالأخذ به ) يوم خلق السموات والأرض ( يعني أن هذا الحكم حكم به وقضاه يوم خلق السموات والأرض أن السنة اثنا عشر شهراً ) منها ( يعني من الشهور ) أربعة حرم ( وهي رجب فرد وذو القعدة وذو الحجة والمحرم ثلاثة متوالية وإنما سميت حرماً لأن العرب في الجاهلية كانت تعظمها وتحرم فيها القتال حتى لو أن أحدهم لقي قاتل أبيه وابنه وأخيه في هذه الأربعة الأشهر لم يهجه ولما جاء الإسلام لم يزدها إلا حرمة وتعظيماً ولأن الحسنات والطاعات فيها تتضاعف وكذلك السيئات أيضاً أشد من غيرها فلا يجوز انتها حرمة الأشهر الحرم ) ذلك الدين القيم ( يعني ذلك الحساب المستقيم والعدد الصحيح المستوي فالدين هنا بمعنى الحساب ومنه قوله ( ﷺ ) :( الكيس من دان نفسه ) يعني : حاسب نفسه وعمل لما بعد الموت.
وقيل : أراد بالدين القيم


الصفحة التالية
Icon