صفحة رقم ٩١
عبارة عن التأخير في الوقت ومنه النسيئة في البيع ومعنى النسئ المذكور في الآية هو تأخير شهر حرام إلى شهر آخر وذلك أن العرب في الجاهلية كانت تعقتد حرمة الأشهر الحرم وتعظيمها وكان ذلك مما تمسكت به من ملة إبراهيم ( ﷺ ) وكانت عامة معايش العرب من الصيد والغارة فكان يشق عليهم الكف عن ذلك ثلاثة أشهر متوالية وربما وقعت حروف في بعض الأشهر الحرم فكانوا يكرهون تأخير حروبهم إلى الأشهر الحلال فنسؤوا يعني أخروا تحريم شهر إلى شهر آخر فكانوا يؤخرون تحريم المحرم إلى صفر فيستحلون المحرم ويحرمون صفر فإذا احتاجوا إلى تأخير تحريم صفر أخروه إلى ربيع الأول فكانوا يصنعون هكذا يؤخرون شهراً بعد شهر حتى استدار التحريم على السنة كلها وكانوا يحجون في كل شهر عامين فحجوا في الحجة عامين ثم حجوا في المحرم عامين ثم حجوا في صفر عامين وكذا باقي شهور السنة فوافقت حجة أبي بكر في السنة التاسعة قبل حجة الوداع المرة الثانية من ذي القعدة ثم حج رسول الله ( ﷺ ) في العام المقبل حجة الوداع فوافق حجة شهر ذي الحجة وهو شهر الحج المشروع فوقف بعرفة في اليوم التاسع وخطب الناس في اليوم العاشر بمنى وأعلمهم أن أشهر النسئ قد تناسخت باستدارة الزمان وعاد الأمر إلى ما وضع الله عليه حساب الأشهر يوم خلق السموات والأرض وهو قوله ( ﷺ ) :( إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ) الحديث المتقدم.
وأمرهم بالمحافظة على ذلك لئلا يتبدل في مستأنف الأيام واختلفوا في أول من نسأ النسئ.
فقال ابن عباس والضحاك وقتادة ومجاهد : أول من نسأ النسئ بنو مالك بن كنانة وكان يليه جنادة بن عوف بن أمية الكناني وقال الكلبي : أول من فعل ذلك رجل من بني كنانة يقال له نعيم بن ثعلبة وكان يقوم على الناس في الموسم فإذا همَّ الناس بالصدر قام فخطف الناس فيقول لا مرد لما قضيت أنا الذي لا أعاب ولا أجاب فيقول له المشركون لبيك ثم يسألونه أن ينسئهم شهراً يغيرون فيه


الصفحة التالية
Icon