صفحة رقم ٩٣
) فيحلوا ما حرم الله زين له سوء أعمالهم ( قال ابن عباس : زين له الشيطان هذا العمل ) والله لا يهدي القوم الكافرين ( يعني أنه سبحانه وتعالى لا يرشد من هو كافر أثيم لما سبق له في الأزل أنه من أهل النار.
التوبة :( ٣٨ - ٤٠ ) يا أيها الذين...
" يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم " ( قوله عز وجل :( يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ( نزلت هذه الآية في الحث على غزوة تبوك وذلك أن النبي ( ﷺ ) لما رجع من الطائف أمر بالجهاد لغزو الروم وكان ذلك في زمان عسرة من الناس وشدة من الحر حين طابت الظلال ولم يكن رسول الله ( ﷺ ) يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول الله ( ﷺ ) في حر شديد واستقبل سفراً بعيداً ومفاوز وعدداً كثيراً وجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم فشق عليهم الخروج وتثاقلوا فأنزل الله عز وجل هذه الآية يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذ قيل لكم يعني قال لكم رسول الله ( ﷺ ) : انفروا في سبيل الله، أي اخرجوا إلى الجهاد.
يقال : استنفر الإمام الناس إذا حثهم على الخروج إلى الجهاد ودعاهم إليه ومنه قوله صلى لله عليه وسلم :( وإذا استنفرتم فانفروا ) والإثم النفير اثاقلتم أي تثاقلتم وتباطأتم عن الخروج إلى الغزو إلى الأرض يعني لزمتم أرضكم ومساكنكم وإذنما استثقل ذلك الغزو لشدة الزمان وضيق الوقت وشدة الحر وبعد المسافة والحاجة إلى كثرة الاستعداد من العدد والزاد وكان ذلك الوقت وقت إدراك ثمار المدينة وطيب ظلالها وكان العدو كثيراً فاستثقل الناس تلك الغزوة فعاتبهم الله تعالى بقوله :( أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ( يعني أرضيتم بخفض العيش وزهرة الدنيا ودعتها من نعيم الآخرة ) فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ( يعني أن لذات الدنيا ونعيمها فان زائل ينفد عن قليل ونعيم الآخرة باق على الأبد فلهذا السبب كان متاع الدنيا قليلاً بالنسبة إلى نعيم الآخرة وفي الآية دليل على وجوب الجهاد في كل حال وفي كل وقت لأن الله سبحانه وتعالى نص على أن تثاقلهم عن الجهاد أمر منكر فلو لم يكن الجهاد واجباً لما عاتبهم على ذلك التثاقل ويؤكد هذا الوعيد المذكور الآية الآتية وهي قوله تعالى :( إلا تنفروا ( يعني إن لم تنفروا أيها المؤمنون إلى ما استنفركم رسول الله ( ﷺ ) إليه :( يعذبكم عذاباً إليماً ( يعني في الآخرة لأن العذاب الأليم لا يكون إلا في الآخرة.
وقيل : إن المراد به احتباس المطر في الدنيا.
قال نجدة بن نفيع : سألت ابن عباس عن هذه الآية فقال : استنفر رسول الله ( ﷺ ) حياً من أحياء العرب فتثاقلوا فأمسك الله تعالى عنهم المطر فكان ذلك عذابهم ) ويستبدل قوماً غيركم ( يعني خيراً منكم وأطوع.
قال سعيد بن جبير : هم أبناء فارس.
وقيل : هم أهل اليمن نبه سبحانه وتعالى على أنه قد تكفل بنصرة نبيه ( ﷺ ) وإعزاز دينه فإن سارعوا معه إلى الخروج إلى حيث استنفروا حصلت النصرة بهم ووقع أجرهم على الله عز وجل وإن تثاقلوا وتخلفوا عنه حصلت النصرة بغيرهم وحصلت العتبى لهم لئلا يتوهموا أن إعزاز رسول الله ( ﷺ ) ونصرته لا تحصل إلا بهم وهو قوله تعالى :( ولا تضروه شيئاً ( قيل : الضمير راجع إلى الله تعالى يعني ولا تضروا الله شيئاً لأنه غني عن العالمين وإنما تضرون أنفسكم بترككم الجهاد مع رسول الله ( ﷺ ).
وقيل :