صفحة رقم ٩٨
تقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله ( ﷺ ) وهو لا يلتفت وأبو بكر يكبر الالتفات ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذ الأثر يديها عثان ساطع في السماء مثل الدخان فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره فناديتهم بالأمان فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله ( ﷺ ) فقلت له : إن قومك قد جعلوا فيك الدية وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآني ولم يسألاني إلا أن قال أخف عنا ما استطعت فسألته أن يكتب لي كتبا أمن فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من أديم ومضى رسول الله ( ﷺ ) قال ابن شهاب : فأخبرني عروة بن الزبير أن رسول الله ( ﷺ ) لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجاراً قافلين من الشأم فكسا الزبير رسول الله ( ﷺ ) وأبا بكر ثياب بياض وسمع المسلمون بالمدينة مخرج رسول الله ( ﷺ ) من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة فانقلبوا يوماً بعد ما أطالوا انتظارهم فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود على ظهر أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه فبصر رسول الله ( ﷺ ) وأصحابه مبيضين يزول بهم السارب فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته يا معشر العرب هذا جدكم الذي تنتظرونه قال فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله ( ﷺ ) بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله ( ﷺ ) صامتاً فطفق من جاء من الأنصار لمن لم ير رسول الله ( ﷺ ) يحيي أبا بكر حتى أصابت الشمس رسول الله ( ﷺ ) فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه فعرف الناس رسول الله ( ﷺ ) عند ذلك فلبث رسول الله ( ﷺ ) في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة وأسس المسجد الذي أسس على التقوى وصلى فيه رسول الله ( ﷺ ) ثم ركب راحلته فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول ( ﷺ ) بالمدينة وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين وكان مربداً للتمر لسهيل وسهل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم حين بركت به راحلته هذا إن شاء الله المنزل ثم دعا رسول الله ( ﷺ ) الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجداً فقال لا بل نهبه لك يا رسول الله فأبى رسول الله ( ﷺ ) أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما ثم بناه مسجداً وطفق رسول الله ( ﷺ ) ينقل معهم اللبن في بنيانه ويقول :
هذا الحمال لا حمال خيبر
هذا أبر ربنا وأطهر
ويقول :( اللهم إن الأجر أجر الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة )، فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لي.
قال ابن شهاب : ولم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله ( ﷺ ) تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت أخرجه البخاري بطوله.
( شرح غريب ألفاظ الحديث )
قولها : لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين، يعني، أنهما كانا ينقادان إلى الطاعة، وبرك الغماد بفتح الباء من برك وكسر الغين المعجمة اسم موضع بينه وبين مكة خمس ليال مما يلي ساحل البحر إلى