صفحة رقم ١٠٦
يعني أن الحمد لله لا لهذه الأصنام ) وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم ( هو الذي ولد أخرس فكل أبكم أخرس وليس كل أخرس أبكم، والأبكم الذي لا يفهم ولا يفهم ) لا يقدر على شيء ( هو إشارة إلى العجز التام والنقصان الكامل، ) وهو كل على مولاه ( أي ثقيل على من يلي أمره ويعوله وقيل أصله من الغلظ وهو نقيض الحدة، يقال كل السكين إذا غلظت شفرته وكل اللسان إذا غلظ فلم يقدر على النطق، وكل فلان عن الأمر إذا ثقل عليه فلم ينبعث فيه، فقوله وهو كل على مولاه أي غليظ ثقيل على مولاه ) أينما يوجهه ( اي حيثما يرسله ويصرفه في طلب حاجة أو كفاية مهم ) لا يأت بخير ( يعني لا يأت بجنح لأنه أخرس عاجز لا يحسن ولا يفهم ) هل يستوي ( يعني من هذه صفته ) هو ( يعني صاحب هذه الصفات المذمومة ) ومن يأمر بالعدل ( يعني ومن هو سليم الحواس نفاع ذو كفايات ذو رشد وديانة يأمر الناس بالعدل والخير ) وهو ( في نفسه ) على صراط مستقيم ( يعني على سيرة صالحة ودين قويم، فيجب أن يكون الآمر بالعدل، عالماً قادراً مستقيماً في نفسه حتى يتمكن من الأمر بالعدل، وهذا مثل ثان ضربه الله لنفسه، ولما يفيض على عباده من إنعامه ويشملهم به من آثار رحمته وألطافه وللأصنام التي هي أموات جماد، لا تضر ولا تنفع ولا تسمع ولا تنطق ولا تعقل، وهي كل على عابديها، لأنها تحتاج إلى كلفة الحمل والنقل والخدمة.
وقيل : كلا المثلين للمؤمن والكافر، والمؤمن : هو الذي يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم.
والكافر : هو الأبكم الثقيل الذي لا يأمر بخير فعلى هذا القول تكون الآية على العموم في كل مؤمن وكافر.
وقيل : هي على الخصوص فالذي يأمر بالعدل هو رسول الله ( ﷺ ) وهو على صراط مستقيم.
والذي يأمر بالظلم وهو أبكم أبو جهل.
وقيل : الذي يأمر بالعدل عثمان بن عفان، وكان له مولى يأمره بالإسلام وذلك المولى يأمر عثمان بالإمساك عن الإنفاق في سبيل الله تعالى، فهو الذي لا يأت بخير.
وقيل : المراد بالأبكم الذي لا يأت بخير أبي بن خلف، وبالذي يأمر العدل حمزة وعثمان بن عفان، وعثمان بن مظعون ) ولله غيب السموات والأرض ( أخبر الله عز وجل في الآية عن كمال علمه، وأنه عالم بجميع الغيوب، فلا تخفى عليه خافية ولا يخفى عليه شيء منها، وقيل الغيث هنا هو علم قيام الساعة وهو قوله ) وما أمر الساعة ( يعني في قيامها، والساعة هي الوقت الذي يقوم الناس فيه لموقف الحساب ) إلا كلمح البصر ( يعني في السرعة، ولمح البصر هو انطبقا جفن العين وفتحه وهو طرف العين أيضاً ) أو هو أقرب ( يعني أن لمح البصر يحتاج إلى زمان وحركة، والله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئاً قال له : كن فيكون في أسرع من لمح البصر وهو قوله ) إن الله على كل شيء قدير ( فيه دليل على كمال قدرة الله تعالى وأنه سبحانه وتعالى مهما أراد شيئاً كان أسرع ما يكون.
قال الزجاج : ليس المراد أن الساعة تأتي في أقرب من لمح البصر، ولكنه سبحانه وتعالى وصف سرعة القدرة على الإتيان بها متى شاء، لا يعجزه شيء.
النحل :( ٧٨ - ٨٠ ) والله أخرجكم من...
" والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين " ( قوله عز وجل :( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً ( تم الكلام هنا لأن الإنسان خلق في أول الفطرة، ومبدئها خالياً عن العلم والمعرفة لا يهتدي سبيلاً ثم ابتدأ فقال تعالى ) وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ( يعني أن الله سبحانه وتعالى إنما أعطاكم هذه الحواس لتنتقلوا بها من الجهل