صفحة رقم ١١٦
وهو منسوب إلى العرب ) وهذا لسان عربي مبين ( يعني بين الفصاحة والبلاغة ووجه الجواب، هو أن الذي يشيرون إليه رجل أعجمي في لسانه عجمة تمنعه من الإتيان بفصيح الكلام ومحمد ( ﷺ ) جاءكم بهذا القرآن الفصيح الذي عجزتم أنتم عنه، وأنتم أهل الفصاحة والبلاغة، فكيف يقدر من هو أعجمي على مثله وأين فصاحة هذا القرآن من عجمة هذا الذي يشيرون إليه، فثبت بهذا البرهان، أن جاء به محمد ( ﷺ ) وحي أوحاه الله إليه وليس هو من تعليم الذي يشيرون إليه أسلم وحسن إسلامه ) إن الذين لا يؤمنون بآيات الله ( يعني لا يصدقون أنه من عند الله ) لا يهديهم الله ( يعني لا يرشدهم ولا يوفقهم للإيمان ) إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله ( يعني إنما يقدم على فرية الكذب من لا يؤمن بآيات الله فهو رد لقول كفار قريش إنما أنت مفترٍ ) وأولئك هم الكاذبون ( يعني في قولهم، إنما يعلمه بشر لا محمد ( ﷺ ).
فإن قلت : قد قال تبارك وتعالى إنما يفترى الكذب فما معنى قوله تعالى وأولئك هم الكاذبون والثاني هو الأول ؟ قلت : قوله سبحانه وتعالى إنما يفترى الكذب أخبار عن حال قولهم، وقوله : وأولئك الكاذبون نعت لازم لهم كقول الرجل لغيره كذبت وأنت كاذب، أي كذبت في هذا القول ومن عادتك الكذب، وفي الآية دليل على أن الكذب من أفحش الذنوب الكبار لأنه الكذاب المفتري، هو الذي لا يؤمن بآيات الله.
روى البغوي بإسناد الثعلبي عن عبد الله بن جراد قال :( قلت يا رسول الله المؤمن يزني ؟ قال : قد يكون ذلك.
قلت : المؤمن يسرق ؟ قال : قد يكون ذلك.
قلت : المؤمن يكذب قال : لا قال الله تعالى إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله ).
النحل :( ١٠٦ - ١١٧ ) من كفر بالله...
" من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم " ( قوله تعالى :( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ( نزلت في عمار بن ياسر وذلك أن المشركين أخذوه وأباه ياسر وأمه سمية، وصهيباً وبلالاً وخباباً وسالماً فعذبوهم ليرجعوا عن الإسلام، فأما سمية أم عمار فإنها ربطت بين بعيرين


الصفحة التالية
Icon