صفحة رقم ١٢٨
أن الإسراء كان إلى بيت المقدس والأحاديث الصحيحة تدل على أنه عرج به إلى السماء فكيف الجمع بين الدليلين، وما فائدة ذكر المسجد الأقصى فقط ؟ قلت : قد كان الإسراء على ظهر البراق إلى المسجد الإقصى، ومنه كان عروجه إلى السماء على المعراج وفائدة ذكر المسجد الأقصى فقط أنه ( ﷺ ) لو أخبر بصعوده إلى السماء أولاً لاشتد إنكارهم لذلك فلما أخبر أنه أسرى به إلى بيت المقدس، وبان لهم صدقه فيما أخبر به من العلامات التي فيه وصدقوه عليها أخبر بعد ذلك بعروجه إلى السماء، فجعل الإسراء إلى المسجد الأقصى كالتوطئة لمعراجه إلى السماء.
وقوله تعالى :( لنريه من آياتنا ( يعني من عجائب قدرتنا فقد رأى محمد ( ﷺ ) في تلك الليلة الأنبياء وصلى بهم ورأى الآيات العظام.
فإن قلت لفظة من قوله من آياتنا تقتضي التبعيض وقال في حق إبراهيم عليه السلام وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض، وظاهر هذا يدل على فضيلة إبراهيم عليه السلام على محمد ( ﷺ ) ولا قائل به فما وجهه.
قلت : ملكوت السموات والأرض من بعض آيات الله أيضاً ولآيات الله أفضل من ذلك وأكثر والذي أراه محمداً ( ﷺ ) من آياته وعجائبه تلك الليلة كان أفضل من ملكوت السموات والأرض، فظهر بهذا البيان فضل محمد ( ﷺ ) على إبراهيم ( ﷺ ) ) إنه هو السميع ( لأقواله ودعائه ) البصير ( لأفعاله الحافظة له في ظلمة الليل وقت إسرائه وقيل إنه هو السميع لما قالته له قريش حين أخبرهم بمسراه إلى بيت المقدس ) البصير ( بما ردوا عليه من التكذيب.
وقيل : إنه هو السميع لأقوال جميع خلقه البصير بأفعالهم فيجازي كل عامل بعمله.
وحمله على العموم أولى.
فصل
في ذكر حديث المعراج وما يتعلق به من الأحكام، وما قال العلماء فيه
( ق ) حدثنا قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة أن نبي الله ( ﷺ ) حدثهم عن ليلة أسري به قال :( بينما أنا في الحطيم وربما قال في الحجر مضطجعاً، ومنهم من قال بين النائم واليقظان إذ أتاني آت فقد قال وسمعته يقول : فشق ما بين هذه إلى هذه فقلت للجارود وهو إلى جنبي ما يعني به قال من ثغرة نحره إلى شعرته سمعته يقول من قصته إلى شعرته، فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيماناً، فغسل قلبي ثم حشى ثم أعيد ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار