صفحة رقم ١٦٢
أو حيّ إلا يسبح بحمده حتى صرير الباب ونقيض السقف وقيل : كل الأشياء تسبح الله حيواناً كان أو جماداً وتسبيحها : سبحان الله وبحمده، ويدل على ذلك ما روي عن ابن مسعود قال : كنا نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويفاً كنا مع رسول الله ( ﷺ ) في سفر فقل الماء فقال :( اطلبوا فضلة من ماء فجاؤوا بإناء فيه قليل، فأدخل يده ( ﷺ ) في الإناء ثم قال : حي على الطهور المبارك، والبركة من الله ) فقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله ( ﷺ ) ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل.
أخرجه البخاري ( م ) عن جابر بن سمرة أن رسول الله ( ﷺ ) قال ( إن بمكة حجراً كان يسلم علي ليالي بعثت وإني لأعرفه الآن )
( خ ) عن ابن عمر قال :( كان رسول الله ( ﷺ ) يخطب إلى جذع فلما اتخذ المنبر تحول إليه فحن الجذع فأتاه فمسح بيده عليه ) وفي رواية ( فنزل فاحتضنه وسارَّه بشيء ) ففي هذه الأحاديث دليل على أن الجماد يتكلم وأنه يسبح، وقال بعض أهل المعاني : تسبيح السموات والأرض، والجمادات والحيوانات سوى العقلاء بلسان الحال، بحيث تدل على الصانع وقدرته ولطيف حكمته فكأنها تنطق بذلك، ويصير لها بمنزلة التسبيح والقول الأولاد أصح كم دلت عليه الأحاديث، وأنه منقول عن السلف.
واعلم أن لله تعالى علماً في الجمادات لا يقف عليه غيره فينبغي أن نكل علمه إليه.
وقوله تعالى ) ولكن لا تفقهون تسبيحهم ( أي لا تعلمون ولا تفهمون تسبيحهم، ما عدا من يسبح بلغتكم ولسانكم ) إنه كان حليماً غفوراً ( أي حيث لم يعاجلكم بالعقوبة على غفلتكم وجهلكم بالتسبيح.
قوله عز وجل ) وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً ( أي يحجب قلوبهم عن فهمه والانتفاع به، وقيل : معناه مستوراً عن أعين الناس فلا يرونه كما روي عن سعيد بن جبير أنه قال :( لما نزلت تبت يدا أبي لهب جاءت امرأة أبي لهب معها حجر والنبي صلى لله عليه وسلم مع أبي بكر فلم تره فقالت لأبي بكر : أين صاحبك لقد بلغني أنه هجاني فقال لها أبو بكر والله ما ينطق بالشعر، ولا يقوله فرجعت وهي تقول قد كنت جئت بهذا الحجر لأرضخ رأسه فقال أبو بكر : ما رأتك يا رسول الله.
قال :( لا لم يزل ملك بين وبينها ( ) وجعلنا على قلوبهم أكنة ( أي أغطية ) أن يفقهوه ( أي لئلا يفهموه ) وفي آذانهم وقراً ( أي ثقلاً لئلا يسمعوه ) وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ( يعني إذا قلت لا إله إلا الله وأنت تتلو القرآن ) ولَّوا على أدبارهم نفوراً (