صفحة رقم ١٨٤
سودناك علينا وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي بك رئي تراه قد غلب عليك لا تستطيع رده بذلنا لك أموالنا في طلب الطب حتى نبرئك منه ونعذر فيك وكانوا يسمون التابع من الجن الرئي فقال رسول الله ( ﷺ ) : ما بي ما تقولون ما جئتكم بما جئتكم به لطلب أموالكم، ولا للشرف عليكم ولا للملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولاً وأنزل عليّ كتاباً، وأمرني أن أكون لكم بشيراً ونذيراً، فبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن ترده عليَّ أصبر لأمر الله حتى يحكم بيني وبينكم فقالوا : يا محمد إن كنت غير قابل منّا ما عرضنا عليك فقد علمت أنه ليس أحد أضيق بلاداً ولا أشد عيشاً منا، فسل لنا ربك الذي بعثك فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا، ويبسط لنا بلادنا ويفجر لنا فيها الأنهار كأنهار الشام والعراق وليبعث لنا من مضى من آبائنا، وليكن منهم قصي بن كلاب فإنه كان شيخاً صدوقاً فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل فإن صدقوك صدقناك.
فقال رسول الله صلى الله عليه سلم : ما بهذا بعثت فقد بلغتكم ما أرسلت به، فإن تقبلوه فهو حظكم وإن تردوه أصبر لأمر الله تعالى.
قالوا : فإن لم تفعل هذا فسل لنا ربك أن يبعث ملكاً يصدقك، وسله أن يجعل لك جنات وقصوراً وكنوزاً من ذهب وفضة يعينك بها على ما تريد، فإنك بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه فقال : ما بعثت بهذا ولكن الله بعثني بشيراً ونذيراً.
قالوا : فأسقط السماء كما زعمت إن ربك إن شاء فعل.
فقال : ذلك إلى الله إن شاء فعل ذلك بكم ) وقال قائل منهم : لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلاً فلما قالوا ذلك قام رسول الله ( ﷺ ) وقام معه عبدالله بن أبي أمية، هو ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب فقال يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم، ثم سألوك لأنفهسم أموراً يعرفون بها منزلتك من الله فلم تفعل ثم سألوك أن تجعل ما تخوفهم به من العذاب، فلم تفعل فوالله ما أؤمن لك أبداً حتى تتخذ إلى السماء مرقى ترقى فيه، وأنا أنظر حتى تأتيها فتأتي بنسخة منشورة معك ونفر من الملائكة يشهدون لك بما تقول، وايم الله لو فعلت ذلك لظننت أن لا أصدقك.
فانصرف رسول الله ( ﷺ ) إلى أهله حزيناً من مباعدتهم فأنزل الله تعالى :( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ( يعني أرض مكة ) ينبوعاً ( أي عيوناً


الصفحة التالية
Icon