صفحة رقم ٢٠٩
وتعالى ) ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة ( " فقالوا أياماً أو شهوراً أو سنين فنزلت سنين على وفق قولهم وقيل هو تفسير لما أجمل في قوله فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا وازدادوا تسعاً وقيل قالت نصارى نجران أما ثلاثمائة فقد عرفنا وأما التسع فلا علم لنا بها.
فنزلت قل الله أعلم بما لبثوا.
وقيل إن عند أهل الكتاب لبثوا ثلاثمائة سنة شمسية والله سبحانه وتعالى ذكر ثلاثمائة سنة وتسع سنين قمرية والتفاوت بين القمرية والشمسية في كل مائة سنة ثلاث سنين فتكون الثلاثمائة الشمسية ثلاث مائة وتسع سنين قمرية ) له غيب السموات والأرض ( يعني أنه سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء من أحوال أهلها فإنه العالم وحده به فكيف يخفى عليه حال أصحاب الكهف ) أبصر به وأسمع ( معناه ما أبصر الله بكل موجود وأسمعه بكل مسموع لا يغيب عن سمعه وبصره شيء يدرك البواطن كما يدرك الظواهر والقريب والبعيد والمحجوب وغيره لا تخفى عليه خافية ) ما لهم ( أي ما لأهل السموات والأرض ) من دونه ( أي من دون الله ) من ولي ( أي ناصر ) ولا يشرك في حكمه أحداً ( قيل معناه لا يشرك الله في علم غيبه أحداً وقيل في قضائه.
قوله تعالى ) واتل ( أي واقرأ يا محمد ) ما أوحي إليك من كتاب ربك ( يعني القرآن واتبع ما فيه واعمل به ) لا مبدل لكلماته ( أي لا مغير للقرآن ولا يقدر أحد على التطرق إليه بتغيير أو تبديل.
فإن قلت موجب هذا أن لا يتطرق النسخ إليه.
قلت النسخ في الحقيقة ليس بتبدليل لأن المنسوخ ثابت في وقته إلى وقت طريان الناسخ فالناسخ كالمغاير فكيف يكون تبديلاً.
وقيل معناه لا مغير لما أوعد الله بكلماته أهل معاصيه ) ولن تجد من دونه ( أي من دون الله إن لم تتبع القرآن ) ملتحداً ( أي ملجأ وحرزاً تعدل إليه.
قوله عز وجل ) وأصبر نفسك ( الآية نزلت في عيينة بن حصن الفزاري أتى النبي ( ﷺ ) قبل أن يسلم وعنده جماعة من الفقراء ومنهم سلمان وعليه صوف قد عرق فيها وبيده خوص يشقه وينسجه فقال عيينة للنبيّ ( ﷺ ) : أما يؤذيك ريح هؤلاء ونحن سادات مضر وأشرافها إن أسلمنا أسلم الناس وما يمنعنا من اتباعك إلا هؤلاء فنحهم حتى نتبعك أو اجعل لنا مجلساً فأنزل الله عز وجل واصبر نفسك أي احبس يا محمد نفسك ) مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ( يعني طرفي النهار ) يريدون وجهه ( أي يريدون وجه الله لا يريدون عرض الدنيا، وقيل نزلت في أصحاب الصفة وكانوا سبعمائة رجل فقراء في مسجد رسول الله ( ﷺ ) لا يرجعون إلى تجارة ولا زرع ولا ضرع يصلون صلاة وينتظرون أخرى فلما نزلت هذه الآية قال النبيّ ( ﷺ ) ( الحمد الله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم ) ) ولا تعد (


الصفحة التالية
Icon