صفحة رقم ٢٢٣
رجعا يقصان الذي جاءا منه ويتبعانه ) فوجدوا عبداً من عبادنا ( قيل كان ملكاً من الملائكة والصحيح الذي ثبت عن رسول الله ( ﷺ ) وجاء في التواريخ أنه الخضر واسمه بليا بن ملكان وكنيته أبو العباس، قيل كان من بني إسرائيل وقيل كان من أبناء الملوك الذين تزهدوا وتركوا الدنيا والخضر لقب له، سمي به لأنه جلس على فروة بيضاء فاخضرت.
( خ ) عن أبي هريرة قال قال رسول الله ( ﷺ ) ( إنما سمي خضراً لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء )، الفروة قطعة نبات مجتمعة يابسة وقيل سمي خضراً لأنه كان إذا صلّى اخضر ما حوله.
وروينا أن موسى رأى الخضر مسجى بثوب فسلم عليه، فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام قال أنا موسى أتيتك لتعلمني مما علمت رشداً.
ومعنى مسجى أي مغطى بثوب وقوله وأنى بأرضك السلام معناه من أين بأرضك التي أنت فيها الآن السلام.
وروي أنه لقيه على طنفسه خضراء على جانب البحر فذلك قوله سبحانه وتعالى ) فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة ( أي نعمة ) من عندنا وعلمناه من لدنا علماً ( أي علم الباطن إلهاماً ولم يكن الخضر نبياً عند أكثر أهل العلم.
فإن قلت ظاهر الآيات يدل على أن الخضر كان أعلى شأناً من موسى وكان موسى يظهر التواضع له والتأدب معه.
قلت لا يخلو إما أن يكون الخضر من بني إسرائيل أو من غيرهم فإن كان من بني إسرائيل فهو من أمة موسى، ولا جائز أن يكون أحد الأمة أفضل من نبيها أو أعلى شأناً منه، وإن كان من غير بني إسرائيل فقد قال الله تعالى لبني إسرائيل ) وإني فضلتكم على العالمين ( " أي على عالمي زمانكم ) قال له موسى هل أتبعك ( معناه جئت لأصحبك وأتبعك ) على أن تعلمن مما علمت رشداً ( أي صواباً وقيل علماً ترشدني به.
وفي بعض الأخبار قال الخضر لموسى : كفى بالتوراة علماً وبني إسرائيل شغلاً، فقال له موسى : إن الله أمرني بهذا فحينئذٍ ) قال ( الخضر لموسى ) إنك لن تستطيع معي صبراً ( وإنما قال ذلك لأنه علم أنه يرى أموراً منكرة ولا يجوز للأنبياء الصبر مع المنكرات ثم بين عذره في ترك الصبر فقال ) وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً ( أي علماً ) قال ( موسى ) ستجدني إن شاء الله صابراً ( إنما استثنى لأنه لم يثق من نفسه بالصبر ) ولا أعصي لك أمراً ( أي أخالفك فيما تأمرني به قال ) فإن اتبعتني ( إي فإن صحبتني ولم يقل اتبعني ولكن جعل الاختيار إليه شرط عليه ثم شرطاً فقال ) فلا تسألني


الصفحة التالية
Icon