صفحة رقم ٢٣٩
( العظم مني ) أي من الكبر وقيل اشتكى سقوط الأضراس
) واشتعل الرأس ( أي ابيض الشعر ) شيباً ( أي شمطاً ) ولم أكن بدعائك رب شقياً ( أي عودتني الإجابة فما مضى ولم تخيبني، وقيل معناه لما دعوتني إلى الإيمان آمنت ولم اشق بترك الإيمان ) وإني خفت الموالي من ورائي ( أي من بعد موتي والموالي هم بنو العم وقيل العصبة وقيل الكلالة وقيل جميع الورثة ) وكانت امرأتي عاقراً ( أي لا تلد ) فهب لي من لدنك ولياً ( أي أعطني من عندك ولداً مرضياً ) يرثني ويرث من آل يعقوب ( أي ولياً ذا رشاد، وقيل أراد به يرث مالي ويرث من آل يعقوب النبوة والعلم، وقيل أراد به الحبورة، لأن زكريا كان رأس الأحبار، والأولى أن يحمل على ميراث غير المال لأن الأنبياء لم يرثوا المال وإنما يورثون العلم، ويبعد عن زكريا وهو نبي من الأنبياء أن يشفق على ماله أن يرثه بنو عمه، وإنما خاف أن يضيع بنو عمه دين الله ويغيروا أحكامه، وذلك لما أن شاهد من بني إسرائيل تبديل الدين وقتل الأنبياء.
فسأل ربه ولداً صالحاً يأمنه على أمته ويرث نبوته وعلمه لئلا يضيع وهذا قول ابن عباس ) واجعله رب رضياً ( أي براً تقياً مرضياً.
قوله تعالى ) يا زكريا ( المعنى استجاب الله له دعائه فقال يا زكريا ) إنا نبشرك بغلام ( أي بولد ذكر ) اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سمياً ( أي لم يسم أحد قبله يحيى وقيل معناه لم نجعل له شبهاً مثلاً، وذلك لأنه لم يعص الله ولم يهم بمعصية قط وقال ابن عباس : لم تلد العواقر مثله ولداً، قيل لم يرد الله تعالى بذلك اجتماع الفضائل كلها ليحيى، وإنما أراد بعضها لأن الخليل والكليم كانا قبله وهما أفضل منه ) قال رب أنى يكون لي ( أي من أين يكون لي ) غلام وكانت امرأتي عاقراً ( أي وامرأتي عاقر ) وقد بلغت من الكبر عتياً ( أي يأساً يريد بذلك نحول الجسم ودقة العظام ونحول الجلد ) قال كذلك قال ربك هو علي هين ( أي يسير ) وقد خلقتك من قبل ( أي من قبل يحيى ) ولم تك شيئاً وقال رب اجعل لي آية ( أي دلالة على حمل امرأتي ) قال آيتك ( أي علامتك ) أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً (


الصفحة التالية
Icon