صفحة رقم ٢٥١
وغمه فأكون أشد استعداداً له.
ثم قال له إدريس لي إليك حاجة أخرى.
قال وما هي قال ترفعني إلى السماء لأنظر إليها وإلى الجنة والنار فأذن الله له فرفعه فلما قرب من النار قال لي إليك حاجة قال وما هي قال أريد أن أسأل مالكاً أن يرفع أبوابها فأراها.
ففعل قال فكما أريتني النار فأرني الجنة.
فذهب به إلى الجنة فاستفتح ففتحت أبوابها فأدخله الجنة ثم قال له ملك الموت اخرج لتعود إلى مقرك فتعلق بشجرة، وقال ما أخرج منها فبعث الله إليه ملكاً حكماً بينهما قال له الملك ما لك لا تخرج ؟ قال لأن الله تعالى قال ) كل نفس ذائقة الموت ( " وقد ذقته ثم قال ) وإن منكم إلا واردها ( " فأنا وردتها وقال ) وما هم منها بمخرجين ( " فلست أخرج فأوحى الله تعالى إلى ملك الموت بإذني دخل الجنة وبأمري لا يخرج فهو حي هناك فذلك قوله تعالى ) ورفعناه مكاناً علياً ( واختلفوا في أنه حي في السماء أم ميت.
فقال قوم هو ميت واستدل بالأول.
وقال قوم هو حي واستدل بهذا.
وقالوا أربعة من الأنبياء أحياء أثنان في الأرض وهما الخضر وإلياس.
وإثنان في السماء وهما إدريس وعيسى.
مريم :( ٥٨ - ٦٢ ) أولئك الذين أنعم...
" أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا " ( قوله عز وجل :( أولئك الذي أنعم الله عليهم من النبيين ( أولئك إشارة إلى المذكورين في هذه السورة أنعم الله عليهم بالنبوة وغيرها ما تقدم وصفه ) من ذرية آدم ( يعني إدريس ونوحاً ) وممن حملنا مع نوح ( أي ومن ذرية من حملنا مع نوح في السفينة يريد إبراهيم لأنه ولد سام بن نوح ) ومن ذرية إبراهيم ( يعني إسحاق وإسماعيل ويعقوب ) وإسرائيل ( أي ومن ذرية إسرائيل وهو يعقوب وهم موسى ويحيى وهارون وزكريا وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم فرتب الله تعالى أحوال الأنبياء الذين ذكرهم على هذا الترتيب منها بذلك على أنهم كما شرفوا بالنسب ثم قال تعالى ) ومن هدينا واجتبينا ( أي هؤلاء من أرشدنا واصطفينا وقيل من هدينا إلى الإسلام واجتبينا على الأنام ) إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً ( جمع ساجد ) وبكياً ( جمع باك، أخبر الله تعالى أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانوا إذا سمعوا آيات الله سجدوا وبكوا خضوعاً وخشوعاً وخوفاً حذراً.
والمراد من الآيات ما خصهم به من الكتب المنزلة عليهم، وقيل المراد من الآيات ذكر الجنة والنار والوعد والوعيد ففيه استحباب البكاء خشوع القلب عند سماع القرآن.
( فصل )
وسجدة سورة مريم من عزائم سجود القرآن، فيسن للقارىء والمستمع أن يسجد عند تلاوة هذه السجدة، وقيل يستحب لمن قرأ آية سجدة فسجد أن يدعو بما يناسب تلك السجدة، فإن قرأ سجدة سبحان قال اللهم اجعلني من الباكين إليك والخاشعين لك.
وإن قرأ سجدة مريم قال اللهم اجعلني من عبادك المنعم عليهم الساجدين لك الباكين عند تلاوة آياتك.
وإن سجد سجدة ألم السجدة قال اللهم اجعلني من الساجدين لوجهك المسبحين بحمدك وأعوذ بك أن أكون من المستكبرين عن أمرك.
قوله تعالى ) فخلف من بعدهم ( أي من بعد النبيين المذكورين ) خلف ( أي قوم سواء أراد بهم اليهود ومن لحق بهم وتابعهم وقيل هم في هذه الأمة


الصفحة التالية
Icon