صفحة رقم ٢٨٨
ما في الصحف ما في التوراة والإنجيل وغيرهما من أخبار الأمم أنهم اقترحوا الآيات فلما أتتهم لم يؤمنوا فعجلنا لهم العذاب والهلاك فما يؤمنهم إن أتتهم الآية أن يكون حالهم كحال أولئك وقيل بينة ما في الصحف الأولى هي البشارة بمحمد ( ﷺ ) ونبوته وبعثته ) ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله ( أي من قبل إرسال الرسل وإنزال القرآن ) لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسلاً ( أي لقالوا يوم القيامة أولاً أرسلت إلينا رسولاً يدعونا ) فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ( بالعذاب والهوان والافتضاح ) قل كل متربص ( أي منتظر دوائر الزمان وذلك أن المشركين قالوا نتربص بمحمد ريب المنون وحوادث الدهر فإذا مات تخصلنا قال الله تعالى :( فتربصوا ( أي فانتظروا ) فستعلمون ( أي إذا جاء أمر الله وقامت القيامة ) ومن أصحاب الصراط السوي ( يعني المستقيم ) ومن اهتدى ( يعني من الضلالة نحن أم أنتم والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.
سورة الأنبياء
( تفسير سورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ) وهي مكية وعدد آياتها مائة واثنتا عشرة آية وألف ومائة وثمان وستون كلمة وأربعة آلاف وثمانمائة وتسعون حرفا.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
الأنبياء :( ١ - ١٠ ) اقترب للناس حسابهم...
" اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون " ( قوله عز وجل :( اقترب للناس حسابهم ( أي وقت محاسبة الله إياهم على أعمالهم يوم القيامة.
نزل في منكري البعث وإنما ذكر الله هذا الاقتراب لما فيه من المصلحة للمكلفين، فيكونون أقرب إلى التأهب له، والمراد بالناس المحاسبون وهم المكلفون دون غيرهم، وقيل هم المشركون وهذا من باب إطلاق اسم الجنس على بعضه ) وهم في غفلة معرضون ( أي عن التأهب له وقيل معناه أنهم غافلون عن حسابهم ساهون لا يتفكرون في عاقبتهم مع اقتضاء عقولهم أنه لا بد من جزاء المحسن والمسيء ثم إذا نبهوا من سنة الغفلة بما يتلى من الآيات والنذر أعرضوا عنه ) ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث ( يعني ما يحدث الله من تنزيل شيء من القرآن يذكرهم ويعظمهم به وقيل معناه إن الله يحدث الأمر بعد الأمر فينزل الآية بعد الآية والسورة بعد السورة في وقت الحاجة لبيان الأحكام وغيرها من الأمور والوقائع وقيل الذكر المحدث ما قاله النبي ( ﷺ ) وبينه من السنن والمواعظ سوى ما في القرآن وأضافة إليه لأن الله تعالى قال وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) إلا استمعوه وهم يلعبون ( أي لاعبين لا يعتبرون ولا يتعظون ) لاهية قلوبهم ( أي ساهية معرضة غافلة عن ذكر الله ) وأسروا النجوى الذين ظلموا ( أي بالغوا في أخفاء


الصفحة التالية
Icon