صفحة رقم ٢٩٧
مسيء، وأراد بالحبة الجزء اليسير من الخردل، ومعنى أتينا بها يعني أحضرناها لنجازي بها.
وعن عبد الله بن عمرو ابن العاص أن رسول الله ( ﷺ ) قال ( إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر له تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل مد البصر، ثم يقول أتنكر من هذا شيئاً، أظلمك كتبتي الحافظون، فيقول لا يارب، فيقول أفلك عذر، فيقول لا يا رب.
فيقول الله تعلى بلى إن لك عندنا حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم، فيخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فيقول أحضر وزنك فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقال إنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله شيء ) أخرجه الترمذي.
السجل الكتاب الكبير، وأصله من التسجيل لأنه يجمع أحكاماً، والبطاقة ورقة صغيرة تجعل في طي الثوب يكتب فيها ثمنه، والطيش الخفة، قلت في الحديث دليل على أن صحائف الأعمال هي التي توزن، لا أن الأعمال تتجسد جواهر فتوزن والله أعلم.
قوله تعالى ) وكفى بنا حاسبين ( قال ابن عباس معناه كفى بنا عالمين حافظين لأن من حسب شيئاً فقد علمه وحفظه، والغرض منه التحذير فإن المحاسب إذا كان في العلم بحيث لا يمكن أن يشبته عليه شيء وفي القدرة بحيث لا يعجز عن شيء فحقيق بالعاقل أن يكون بأشد ا لخوف منه ويروى عن الشبلي أنه رؤي في المنام فقيل لهم ما فعل الله بك فقال :
حاسبونا فدققوا
ثم منوا فأعتقوا
هكذا سيمة الملو
ك بالمماليك يرفقوا
" قوله عزّ وجلّ ) ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان ( يعني الكتاب المفرق بين الحق والباطل وهو التوراة، وقيل الفرقان النصر على الأعداء فعلى هذا يكون ) وضياء ( يعني التوراة ومن قال الفرقان هو التوراة جعل الواو زائدة في وضياء والمعنى آتينا موسى التوراة ضياء ) وذكراً للمتقين ( يعني يتذكرون بمواعظها ويعملون بما فيها ) الذين يخشون ربهم بالغيب ( أي يخافونه ولم يروه، وقيل يخافونه في الخلوات إذا غابوا عن أعين الناس ) وهم من الساعة مشفقون ( أي خائفون ) وهذا ذكر مبارك أنزلناه ( أي كما آتينا موسى التوراة، فكذلك أنزلنا القرآن ذكراً مباركاً، أي هو ذكر لمن آمن به مبارك يتبرك به ويطلب منه الخير ) أفأنتم ( يا أهل مكة ) له منكرون ( أي جاحدون.
قوله تعالى ) ولقد آتينا إبراهيم رشده ( أي صلاحه وهداه ) من قبل ( أي من قبل موسى وهرون، وقيل من قبل البلوغ وهو حين خرج من السرب وهو صغير ) وكنا به عالمين ( أي إنه من أهل الهداية والنبوة ) إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل ( يعني الصور والأصنام ) التي أنتم له عاكفون ( أي مقيمون على عبادتها ) قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين ( أي فاقتدينا بهم ) قال ( يعني إبراهيم ) لقد كنتم أنتم وآباءكم في ضلال مبين ( أي في خطأ بين بعبادتكم إياها ) قالوا أجئتنا بالحق ( أي بالصدق ) أم أنت من اللاعبين (