صفحة رقم ٣١٨
ففتح وقال له : ألم أقل إذا قعدت فائتني ؟ قال : إنهم أخبث قوم إذا عرفوا أنك قاعد قالوا نحن نعطيك حقك إذا قمت جحدوني قال : فانطلق فإذا جلست فائتني وفاتته القائلة، فلما جلس جعل ينظر فلا يراه وشق عليه النعاس فلما كان اليوم الثالث قال لبعض أهله لا تدعن أحداً يقرب هذا الباب حتى أنام فإنه قد شق علي النعاس فلما كانت تلك الساعة نام فجاء فلم يأذن له الرجل فلما أعياه نظر فرأى كوة في البيت فتسور منها، فإذا هو في البيت فدق الباب من داخل فاستيقظ فقال يا فلان ألم آمرك قال أما من قبلي فلم تؤت فانظر من أين أتيت فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه، وإذا الرجل معه في البيت فقال : أتنام والخصوم ببابك، فنظر إليه فعرفه فقال : أعدو الله ؟ قال نعم أعييتني وفعلت ما فعلت لأغضبك فعصمك الله فسمي ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به، واختلف في نبوته فقيل كان نبياً، وهو إلياس وقيل هو زكريا، وقيل إنه كان عبداً صالحاً ولم يكن نبياً ) وأدخلناهم في رحمتنا ( يعني ما أنعم به عليهم من النبوة وصبرهم إليه في الجنة من الثواب ) إنهم من الصالحين (.
قوله عز وجل :( وذا النون ( أي واذكر صاحب الحوت أضيف إلى الحوت لابتلاعه إياه وهو يونس بن متى ) إذ ذهب مغاضباً ( قال ابن عباس في رواية عنه : كان يونس وقومه يسكنون فلسطين فغزاهم ملك فسبى منها تسعة أسباط ونصفاً وبقي منهم سبطان ونصف، فأوحى الله إلى شعياء النبي أن سر إلى حزقيل الملك وقل له يوجه نبياً قوياً فإني ألقي في قلوب أولئك حتى يرسلوا معه بني إسرائيل فقال له الملك : فمن ترى، وكان في مملكته خمسة من الأنبياء.
قال : يونس إنه قوي أمين فدعا الملك يونس : وأمره أن يخرج فقال يونس هل الله أمرك بإخراجي ؟ قال لا.
قال فهل سماني الله لك ؟ قال لا.
قال ها هنا غيري أنبياء أقوياء، فألحوا عليه فخرج مغاضباً للنبي وللملك وقومه وأتى بحر الروم فركب وقيل ذهب عن قومه مغاضباً لربه لما كشف عنه العذاب بعد ما أوعدهم وكره أن يكون بين أظهر قوم جربوا عليه الخلف فيما أوعدهم، واستحيا منهم ولم يعلم السبب الذي رفع العذاب عنهم به فكان غضبه أنفقة من ظهور خلف وعده وأنه يسمى كذاباً لا كراهية لحكم الله.
وفي بعض الأخبار أنه كان من عادة قومه أنهم يقتلون من جربوا عليه الكذب فخشي أن يقتلوه ما لم يأتهم العذاب للمعياد فذهب مغاضباً.


الصفحة التالية
Icon