صفحة رقم ٣٢١
فأصلحها الله تعالى له بأن رزقها حسن الخلق ) إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ( يعني الأنبياء المذكورين في هذه السورة.
وقيل زكريا وأهل بيته، والمسارعة في الخيرات من أكبر ما يمدح به المرء لأنها تدل على حرص عظيم في طاعة الله عز وجل ) ويدعوننا رغباً ورهباً ( يعني إنهم ضموا إلى فعل الطاعات أمرين : أحدهما : الفزغ إلى الله لمكان الرغبة في ثوابه والرهبة من عقابه.
والثاني : الخشوع وهو قوله تعالى ) وكانوا لنا خاشعين ( الخشوع هو الخوف اللازم للقلب فيكون الخاشع هو الحذر الذي لا ينبسط في الأمور خوفاً من الوقوع في الإثم.
قوله تعالى ) والتي أحصنت فرجها ( أي إحصاناً كلياً من الحلال والحرام جميعاً كما قالت ) لم يمسسني بشر ولم أك بغياً ( " وهي مريم بنت عمران ) فنفخنا فيها من روحنا ( أمرنا جبريل حتى نفخ في جيب درعها فخلقنا بذلك النفخ المسيح في بطنها، وأضاف الروح إليه تشريفاً لعيسى كبيت الله وناقة الله ) وجعلناها وابنها آية ( أي دلالة ) للعالمين ( على كمال قدرتنا وعلى خلق ولد من غير أب، فان قلت هما آيتان فكيف قال آية ؟.
قلت معنى الكلام وجعلنا شأنهما وأمرهما آية واحدة أي ولادتها إياها من غير أب آية.
قوله تعالى ) إن هذه أمتكم ( أي ملتكم ودينكم ) أمة واحدة ( أي ديناً واحداً وهو الإسلام فأبطل ما سوى الإسلام من الأديان والأمة الجماعة التي هي على مقصد واحد، وجعلت الشريعة أمة لاجتماع أهلها على مقصد واحد ) وأنا ربكم فاعبدون ( اي لا دين سوى ديني ولا رب لكم غيري فاعبدوني أي وحدوني.
الأنبياء :( ٩٣ - ١٠٠ ) وتقطعوا أمرهم بينهم...
" وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون " ( ) وتقطعوا أمرهم بينهم ( أي اختلفوا في الدين فصاروا فرقاً وأحزاباً حتى لعن بعضهم بعضاً وتبرأ بعضهم من بعض ) كل إلينا راجعون ( فنجزيهم بأعمالهم ) فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه ( أي لا يجحد ولا يبطل سعيه بل يشكر ويثاب عليه ) وإنا له كاتبون ( أي لعلمه وحافظون له.
وقيل : الشكر من الله المجازاة، والكفران ترك المجازاة.
قوله عز وجل ) وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون ( قال ابن عباس : ومعناه وحرام على أهل قرية أهلكانهم أن يرجعوا بعد الهلاك، وقيل : معناه وحرام على أهل قرية حكمنا بهلاكهم أن نقبل أعمالهم لأنهم لا يتوبون.
قوله عز وجل ) حتى إذا فتحت


الصفحة التالية
Icon