صفحة رقم ٣٢٦
والوعد والوعيد والمواعظ البالغة فهو زاد العباد إلى الجنة وهو قوله تعالى ) لقوم عابدين ( يعني مؤمنين لا يعبدون أحداً من دون الله تعالى وقيل هم أمة محمد ( ﷺ ) أهل الصلوات الخمس وشهر رمضان والحج.
وقال ابن عباس : عالمين وقيل : هم العالمون العاملون.
قوله عز وجل ) وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ( قيل : كان الناس أهل كفر وجاهلية وضلال وأهل الكتابين كانوا في حيرة من أمر دينهم لطول وانقطاع تواترهم ووقوع الاختلاف في كتبهم فبعث الله محمداً ( ﷺ ) حين لم يكن لطالب الحق سبيل إلى الفوز والثواب فدعاهم إلى الحق، وبين لهم سبيل الصواب وشرع لهم الأحكام وبين الحلال من الحرام قال الله تعالى ) وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ( قيل يعني المؤمنين خاصة فهو رحمة لهم.
وقال ابن عباس : هو عام في حق من آمن ومن لم يؤمن، فمن آمن فهو رحمة له في الدنيا والآخرة ومن لم يؤمن فهو رحمة له في الدنيا بتأخير العذاب عنه ورفع المسخ والخسف والاستئصال قال رسول الله ( ﷺ ) :( إنما أنا رحمة مهداة ).
الأنبياء :( ١٠٨ - ١١٢ ) قل إنما يوحى...
" قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين قال رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون " ( ) قل إنما يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون ( يعني منقادون لما يوحى إلي من إخلاص الإلهية والتوحيد لله والمراد بهذا الاستفهام الأمر أي أسلموا ) فإن تولوا ( أي أعرضوا ولم يسلموا ) فقل آذنتكم ( أعلمتكم بالحرب وأن لا صلح بيننا ) على سواء ( أي إنذاراً بيناً نستوي في علمه لا أستبد أنا به دونكم لتتأهبوا لما يراد بكم والمعنى آذنتكم على وجه نستوي نحن وأنتم في العلم به وقيل معناه لتستووا في الإيمان به وأعلمتكم بما هو الواجب عليكم من التوحيد وغيره ) وإن أدري ( أي وما أعلم ) أقريب أم بعيد ما توعدون ( يعني يوم القيامة لا يعلمه إلا الله ) إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون ( أي لا يغيب عن علمه شيء منكم في علانيتكم وسركم ) وإن أدري لعله فتنة لكم ( أي لعل تأخير العذاب عنكم اختبار لكم ليرى كيف صنيعكم وهو أعلم بكم ) ومتاع إلى حين ( أي تتمتعون إلى انقضاء آجالكم ) قال رب احكم ( أي افصل بيني وبين من كذبني ) بالحق ( أي بالعذاب كأنه استعجل العذاب لقومه فعذبوا يوم بدر.
وقيل : معناه افصل بيني وبينهم بما يظهر الحق من الجميع وهو أن تنصرني عليهم والله يحكم بالحق طلب ولم يطلب ومعنى الطلب ظهور الرغبة من الطالب ) وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون ( أي من الشرك والكفر والكذب والأباطيل، كأنه سبحانه وتعالى قال قل داعياً إلى رب احكم بالحق، وقل متوعداً للكفار وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.
تم الجزء الرابع من تفسير الخازن ويليه الجزء الخامس وأوله : تفسير سورة الحج.


الصفحة التالية
Icon