صفحة رقم ٣٩
بلغني أن أهل النار يستغيثون بالخزنة كما قال الله وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوماً من العذاب فردت الخزنة عليهم وقالوا ألم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى فردت الخزنة وقالوا ادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال فلما يئسوا مما عند الخزنة، نادوا يا مالك ليقض علينا ربك سألوا الموت فلا يجيبهم ثمانين سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يوماً واليوم كألف سنة مما تعدون ثم يجيبهم بقوله : إنكم ماكثون فلما يئسوا مما عنده قال بعضهم لبعض : تعالوا فلنصبر كما صبر أهل الطاعة لعل ذلك ينفعنا فصبروا وطال صبرهم فلم ينفعهم وجزعوا، فلم ينفعهم عند ذلك قالوا : سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص.
قوله تعالى ) وقال الشيطان ( يعني إبليس ) لما قضي الأمر ( يعني لما فرغ منه وأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار.
يأخذ أهل النار في لوم إبليس وتقريعه، وتوبيخه، فيقوم فيها خطيباً قال مقاتل : يوضع له منبر في النار فيجتمع عليه أهل النار يلومونه فيقول لهم : ما أخبر الله عنه بقوله ) إن الله وعدكم وعد الحق ( فيه إضمار تقديره فصدق في وعده ) ووعدتكم فأخلفتكم ( يعني الوعد.
وقيل يقول : لهم إني قلت لكم لا بعث ولا جنة ولا نار ) وما كان لي عليكم من سلطان ( يعني من ولاية وقهر، وقيل : لم آتيكم بحجة فيما وعدتكم به ) إلا أن دعوتكم ( هذا استثناء منقطع معناه لكن دعوتكم ) فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ( يعني ما كان مني إلا الدعاء وإلقاء الوسوسة، وقد سمعتم دلائل الله وجاءتكم الرسل فكان من الواجب عليكم أن لا تلتفوا إليّ ولا تسمعوا قولي فلما رجحتم قولي على الدلائل الظاهرة كان اللوم بكم أولى بأجابتي، ومتابعتي من غير حجة ولا دليل ) ما أنا بمصرخكم ( يعني بمغيثكم ولا منقذكم ) وما أنتم بمصرخي ( يعني بمغيثيّ ولا منقذيّ مما أنا فيه ) إني كفرت بما أشركتمون من قبل ( يعني كفرت بجعلكم إياي شريكاً كله في عبادته وتبرأت من ذلك والمعنى أن إبليس جحد ما يعتقده الكفار فيه، من كونه شريكاً لله وتبرأ من ذلك ) إن الظالمين لهم عذاب أليم ( روى البغوي يسنده عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله