صفحة رقم ٦٠
حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب، قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة، فيقال له : أليس قال لنا كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء )
( فصل )
اختلف العلماء هل كانت الشياطين ترمى بالنجوم قبل مبعث رسول الله ( ﷺ ) أم لا على قولين : أحدهما أنها لم تكن ترمى بالنجوم، قبل مبعث رسول الله ( ﷺ )، وإنما ظهر ذلك في بدء أمره فكان ذلك أساساً لنبوته ( ﷺ ) ويدل على صحة هذا القول ما روي عن ابن عباس قال : انطلق رسول الله ( ﷺ ) في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين، وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب.
أخرجاه في الصحيحين.
فظاهر هذا الحديث يدل على أن هذا الرمي بالشهب لم يكن قبل مبعثه ( ﷺ ) فلما بعث حدث هذا الرمي.
ويعضده ما روي أن يعقوب بن المغيرة بن الأخنس بن شريق قال : أو من فزع للرمي بالنجوم هذا الحي من ثقيف، وأنهم جاؤوا إلى رجل منهم يقال له : عمرو بن أمية أحد بني علاج وكان أهدى العرب فقالوا له : ألم تر ما حدث في السماء من القذف بالنجوم ؟ فقال : بلى.
ولكن انظروا فإن كانت معالم النجوم التي يهتدى بها في البر والبحر ويعرف بها الأنواء من الصيف والشتاء، لما يصلح الناس من معايشهم هي التي يرمى بها فهو والله طي الدنيا وهلاك الخلق الذين فيها وإن كانت نجوماً غيرها وهي ثابتة على حالها فهذا الأمر أراده الله من الخلق قال الزجاج : ويدل على أنها كانت بعد مولد النبي ( ﷺ ) أن شعراء العرب الذين ذكروا البرق، والأشياء المسرعة لم يوجد في شعرهم ذكر الكواكب المنقضة فما حدثت بعد مولده ( ﷺ )، استعملت الشعراء ذكرها قال ذو الرمة :
كأنه كوكب في أثر عفرية
مسوم في سواد الليل منقضب
والقول الثاني : إن ذلك كان موجوداً قبل مبعث النبي ( ﷺ ) ولكن لما بعث شدد وغلظ عليهم.
قال معمر : قلت للزهري أكان يرمى بالنجوم في الجاهلية ؟ قال : نعم.
قلت : أفرأيت قوله وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فقال : غلظت وشدد أمرها حين بعث محمد ( ﷺ ) ويدل على صحة هذا القول ما روي عن ابن عباس قال أخبرني رجل من أصحاب النبي ( ﷺ ) من الأنصار أنهم بينما هم جلوس ليلة مع رسول الله ( ﷺ ) إذ رمى بنجم واستنار فقال لهم رسول الله ( ﷺ ) :( ما كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا، قالوا كنا نقول ولد الليلة رجل عظيم أو مات رجل عظيم فقال رسول الله ( ﷺ ) : فإنها لا يرمى بها لموت أحد، ولا لحياته ولكن ربنا تبارك اسمه إذا قضى أمراً سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح إلى


الصفحة التالية
Icon