صفحة رقم ٦٩
المعذب، وما وصف نفسه بذلك.
بل قال : وأن عذابي هو العذاب الأليم على سبيل الإخبار، ومنها أنه سبحانه وتعالى أمر رسوله ( ﷺ ) أن يبلغ عباده هذا المعنى فكأنه أشهد رسوله على نفسه في التزام المغفرة والرحمة.
قوله سبحانه وتعالى :( ونبئهم عن ضيف إبراهيم ( هذا معطوف على ما قبله أي وأخبر يا محمد عبادي عن ضيف إبراهيم.
وأصل الضيف الميل يقال ضفت إلى كذا وإذا ملت إليه والضيف من مال إليك نزولاً بك وصارت الضيافة متعارفة في القرى وأصل الضيف مصدر، ولذلك استوى فيه الواحد والجمع في عامة كلامهم، وقد يجمع فيقال أضياف وضيوف وضيفان وضيف إبراهيم هم الملائكة الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى، ليبشروا إبراهيم بالولد ويهلكوا قوم لوط ) إذ دخلوا عليه ( يعني إذ دخل الأضياف على إبراهيم عليه السلام ) فقالوا سلاماً ( أي نسلم سلاماً ) قال ( يعني إبراهيم ) إنا منكم وجلون ( أي خائفون وإنما خاف إبراهيم منهم لأنهم لم يأكلوا طعامه ) قالوا لا توجل ( يعني لا تخف ) إنا نبشرك بغلام عليم ( يعني أنهم بشروه بولد ذكر غلام في صغره عليم في كبره، وقيل عليم بالأحكام والشرائع والمراد به إسحاق عليه السلام فلما بشروه بالولد عجب إبراهيم من كبره وكبر امرأته ) قال أبشرتموني ( يعني بالولد ) على أن مسني الكبر ( يعني على حالة الكبر، قال على طريق التعجب ) فبم تبشرون ( يعني فبأي شيء تبشرون، وهو استفهام بمعنى التعجب كأنه عجب من حصول الولد على الكبر ) قالوا بشرناك بالحق ( يعني بالصدق الذي قضاه الله بأن يخرج منك ولداً ذكراً، تكثر ذريته وهو إسحاق ) فلا تكن من القانطين ( يعني فلا تكن من الآيسين من الخير.
والقنوط : هو الإياس من الخير ) قال ( يعني إبراهيم ) ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون ( يعني من ييأس من رحمة ربه إلا المكذبون، وفيه دليل على أن إبراهيم عليه السلام لم يكن من القانطين، ولكنه استبعد حصول الولد على الكبر فظنت الملائكة أن به قنوطاً فنفى ذلك عن نفسه، وأخبر أن القانط من رحمة الله تعالى من الضالين لأن القنوط من رحمة الله كبيرة، كالأمن من مكر الله ولا يحصل إلا عند من يجهل كون الله تعالى قادراً على ما يريد، ومن يجهل كونه سبحانه وتعالى عالماً بجميع المعلومات فكل هذه الأمور سبب للضلالة ) قال ( يعني إبراهيم ) فما خطبكم ( يعني فما شأنكم وما الأمر الذي جئتم فيه ) أيها المرسلون ( والمعنى ما الأمر الذي جئتم به سوى ما بشرتموني به من الولد ) قالوا ( يعني الملائكة ) إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين ( يعني لهلاك قوم مجرمين ) إلا آل لوط ( يعني أشياعه وأتباعه من أهل دينه ) إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته ( يعني امرأة ) لوط قدرنا ( يعني قضينا وإنما أسند الملائكة القدر إلى أنفسهم وإن كان ذلك لله عز وجل، لاختصاصهم بالله وقربهم منه كما تقول خاصة الملك نحن أمرنا، ونحن فعلنا وإن كان قد فعلوه بأمر الملك ) إنها لمن الغابرين ( يعني لمن الباقين في العذاب والاستثناء من النفي إثبات، ومن الإثبات


الصفحة التالية
Icon