صفحة رقم ٧١
وحياتك يا محمد وقال ما خلق الله نفساً أكرم عليه من محمد ( ﷺ ) وما أقسم بحياة أحد إلا بحياته والعمر واحد وهو اسم لمدة عمارة بدن الإنسان بالحياة والروح وبقائه مدة حياته.
قال النحويون : ارتفع لعمرك بالابتداء والخبر محذوف والمعنى لعمرك قسمي فحذف الخبر لأن في الكلام دلالة عليه.
) إنهم لفي سكرتهم ( يعني في حيرتهم وضلالتهم وقيل غفلتهم ) يعمهون ( يعني يترددون متحيرين وقال قتادة : يلعبون ) فأخذتهم الصيحة مشرقين ( يعني حين أضاءت الشمس فكان ابتداء العذاب الذي نزل بهم وقت الصبح وتمامه وانتهاؤه حين أشرقت الشمس ) فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل ( تقدم تفسيره في سورة هود ) إن في ذلك ( يعني الذي نزل بهم من العذاب ) لآيات للمتوسمين ( قال ابن عباس : للناظرين.
وقال قتادة : للمعتبرين.
وقال مقاتل : للمتفكرين.
وقال مجاهد : للمتفرسين ويعضد هذا التأويل ما روي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ( ﷺ ) قال ( اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ثم قرأ إن في ذلك لآيات للمتوسمين ) أخرجه الترمذي وقال حديث غريب.
الفراسة بالكسر اسم من قولك تفرست في فلان الخير.
وهي على نوعين : أحدهما ما دل عليه ظاهر الحديث، وهو ما يوقعه الله في قلوب أوليائه فيعلمون بذلك أحوال الناس بنوع من الكرامات، وإصابة الحدس والنظر والظن والتثبيت، والنوع الثاني ما يحصل بدلائل التجارب والخلق والأخلاق تعرف بذلك أحوال الناس أيضاً وللناس في علم الفراسة تصانيف قديمة وحديثه.
قال الزجاج : حقيقة المتوسمين في اللغة المتثبتين في نظرهم حتى يعرفوا سمة الشيء وصفته وعلامته فالمتوسم الناظر في سمة الدلائل، تقول توسمت في فلان كذا أي عرفت وسم ذلك وسمته ) وإنها ( يعني قرى قوم لوط ) لبسبيل مقيم ( يعني بطريق واضح.
قال مجاهد : بطريق معلم ليس بخفي ولا زائل والمعنى : أن آثار ما أنزل الله بهذه القرى من عذابه وغضبه لبسبيل مقيم ثابت لم يدثر ولم يخف، والذين يمرون عليها من الحجاز إلى الشام يشاهدون ذلك ويرون أثره ) إن في ذلك ( يعني الذي ذكر من عذاب قوم لوط، وما أنزل بهم ) لآية للمؤمنين ( يعني المصدقين لما أنزله على رسوله ( ﷺ ) ) وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين ( يعني كان أصحاب الأيكة وهي الغيضة، واللام في قوله لظالمين للتأكيد وهم قوم شعيب عليه السلام كانوا أصحاب غياض، وشجر ملتف وكان عامة شجرهم المقل وكانوا قوماً كافرين فبعث الله عز وجل إليهم شعيباً رسولاً فكذبوه فأهلكهم الله فهو قوله تعالى ) فانتقمنا منهم ( يعني بالعذاب، وذلك أن الله سبحانه وتعالى سلط عليهم الحر سبعة أيام حتى أخذ بأنفاسهم وقربوا من الهلاك فبعث الله سبحانه وتعالى كالظلة فالتجؤوا إليها، واجتمعوا تحتها يلتمسون الروح فبعث الله عليهم ناراً فأحرقتهم جميعاً ) وإنهما ( يعني مدينة قوم لوط ومدينة أصحاب الأيكة ) لبإمام مبين ( يعني طريق واضح مستبين لمن مر بهما، وقيل : الضمير راجع إلى الأيكة ومدين لأن شعيباً كان مبعوثاً إليهما وإنما سمي الطريق إماماً لأنه يؤم ويتبع، ولأن المسافر يأتّم به حتى يصير إلى الموضع الذي يريده.
قوله عز وجل ) وقد كذب أصحاب الحجر المرسلين ( قال المفسرون : الحجر اسم واد كان يسكنه ثمود وهو معروف بين المدينة النبوية والشام وآثاره موجودة باقية يمر عليها ركب الشام إلى الحجار، وأهل الحجاز إلى الشام وأراد بالمرسلين صالحاً


الصفحة التالية
Icon