صفحة رقم ٩٨
النسل، ولم توجد الأبناء فلم يبق في الأرض أحد ) ولكن يؤخرهم ( يعني يمهلهم بفضله، وكرمه وحلمه ) إلى أجل مسمى ( يعني إلى انتهاء آجالهم وانقضاء أعمارهم ) فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ( يعني لا يؤخرون ساعة من الأجل الذي جعله الله لهم ولا ينقصون عنه.
وقيل : أراد بالأجل المسمى يوم القيامة، والمعنى ولكن يؤخرهم إلى يوم القيامة فيعذبهم فلا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون ) ويجعلون لله ما يكرهون ( يعني لأنفسهم وهي البنات ) وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى ( يعني ويقولون : إن لهم البنين وذلك أنهم قالوا : لله البنات ولنا البنون، وهذا القول كذب منهم وافتراء على الله.
وقيل : أراد بالحسنى الجنة، والمعنى أنهم مع كفرهم، وقولهم الكذب يزعمون أنهم على الحق وأن لهم الجنة وذلك أنهم قالوا : إن كان محمد صادقاً في البعث بعد الموت، فإن لنا الجنة لأنّا على الحق فأكذبهم الله فقول ) لا جرم أن لهم النار ( يعني في الآخرة لا الجنة ) وأنهم مفرطون ( قرىء بكسر الراء مع التخفيف، يعني مسرفون وقرىء بكسر الراء مع التشديد يعني مضيعون لأمر الله وقراءة الجمهور بفتح الراء مع تخفيفها أي منسيون في النار قاله ابن عباس وقال سعيد بن جبير ومقاتل : متروكون.
وقال قتادة : معجلون إلى النار.
وقال الفراء : مقدمون إلى النار والفرط ما تقدم إلى الماء قبل القوم.
ومنه قوله ( ﷺ ) :( أنا فرطكم على الحوض ) أي متقدمكم ) تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك ( يعني كما أرسلناك إلى هذه الأمة لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك، فكان شأنهم مع رسلهم التكذيب ففيه تسلية للنبي ( ﷺ ) ) فزين لهم الشيطان أعمالهم ( يعني أعمالهم الخبيثة من الكفر والتكذيب، والمزين في الحقيقة هو الله تعالى هذا مذهب أهل السنة، وإنما جعل الشيطان آلة بإلقاء الوسوسة في قلوبهم، وليس له قدرة أن يضل أحداً أو يهدي أحداً، وإنما له الوسوسة فقط فمن أراد شقاوته سلطه عليه حتى يقبل وسوسته ) فهو وليهم ( أي ناصرهم ) اليوم ( ومن كان الشيطان وليه وناصره فهو مخذول مغلوب مقهور، وإنما سماه ولياً لهم لطاعتهم إياه ) ولهم عذاب أليم ( يعني في الآخرة ) وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه ( يعني في أمر الدين والأحكام فتبين لهم الهدى من الضلال، والحق من الباطل والحلال من الحرام ) وهدى ورحمة ( يعني وما أنزلنا عليك الكتاب إلا بياناً وهدى ورحمة ) لقوم يؤمنون ( لأنهم هم المنتفعون به قوله سبحانه وتعالى ) والله أنزل من السماء ماء ( يعني المطر ) فأحيا به ( يعني بالماء ) الأرض ( يعني بالنبات والزروع ) بعد موتها ( يعني يبسها وجدوبتها ) إن في ذلك لآية ( يعني دلالة واضحة على كمال قدرتنا ) لقوم يسمعون ( يعني سماع إنصاف وتدبر وتفكر، لأن سماع القلوب هو النافع لا سماع الآذان فمن سمع آيات الله، أي القرآن بقلبه وتدبرها وتفكر فيها انتفع، ومن لم يسمع


الصفحة التالية
Icon