صفحة رقم ١٠٢
وأهلكنا قروناً كثيراً بين عاد وثمود وأصحاب الرس ) وكلاًّ ضربنا له الأمثال ( أي الأشباه في إقامة الحجة عليهم فلم نهلكهم إلا بعد الإنذار ) وكلاًّ تبرنا تتبيراً ( أي أهلكناهم إهلاكاً قوله تعالى ) ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء ( يعني الحجارة وهي قريات قوم لوط، وهي خمس قرى أهلك الله منها أربعاً ونجت واحدة.
وهي أصغرها وكان أهلها لا يعملون العمل الخبيث ) أفلم يكونوا يرونها ( يعني إذا مروا بها في أسفارهم فيعتبروا ويتعظوا لأن مدائن قوم لوط كانت على طريقهم في ممرهم إلى الشام ) بل كانوا لا يرجون نشوراً ( يعني لا يخافون بعثاً.
الفرقان :( ٤١ - ٤٨ ) وإذا رأوك إن...
" وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا " ( قوله تعالى :( وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزواً ( نزلت في أبي جهل كان إذا مر مع أصحابه قال مستهزئاً ) أهذا الذي بعث الله رسولاً إن كان ليضلنا ( يعني قد قارب أن يضلنا ) عن ( عبادة ) آلهتنا لولا أن صبرنا عليها ( يعني على عبادتها والمعنى لو لم نصبر عليها لصرفنا عنها ) وسوف يعلمون حين يرون العذاب ( أي في الآخرة عياناً ) من أضل سبيلاً ( أي أخطأ طريقاً ) أرأيت من اتخذ إلهه هواه ( وذلك أن الرجل من المشركين كان يعبد حجراً، فإذا رأى حجراً أحسن منه رماه وأخذ الأحسن منه وعبده وقال ابن عباس : أرأيت من ترك عبادة الله خالقه ؟ ثم هوى حجراً فعبده ما حاله عندي وقيل الهوى إله يعبد ) أفأنت تكون عليه وكيلاً ( أي حافظاً تحفظه من اتباع الهوى وعبادة ما يهواه من دون الله والمعنى لست كذلك وقال الكلبي نسختها آية القتال ) أم تحسب أن أكثرهم يسمعون ( أي ما تقول سماع طالب الإفهام ) أو يعقلون ( يعني ما يعاينون من الحجج والأعلام وهذه المذمة أعظم من التي تقدمت، لأنهم لشدة عنادهم لا يسمعون القول وإذا سمعوه لا يتفكرون فيه، فكأنهم لا سمع لهم ولا عقل البتة فعند ذلك شبههم بالأنعام فقال تعالى ) إن هم ( أي ما هم إلا كالأنعام أي في عدم انتفاعهم بالكلام وعدم إقدامهم على التدبر والتفكير ثم قال تعالى ) بل هم أضل سبيلاً ( لأن البهائم تهتدي لمراعيها ومشاربها وتنقاد لأربابها الذي يتعاهدونها، وهؤلاء الكفار لا يعرفون طريق الحق ولا يطيعون ربهم الذي خلقهم ورزقهم لأن الأنعام تسجد وتسبح والكفار لا يفعلون ذلك.
قوله تعال ) ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ( هو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس جعله ممدوداً، لأنه ظل لا شمس معه ) ولو شاء لجعله ساكناً ( يعني دائماً ثابتاً لا يزول ولا تذهبه الشمس