صفحة رقم ١١٣
فإن قلت : كيف صح مجيء خاضعين خبراً عن الأعناق.
قلت أصل الكلام فظلوا لها خاضعين، فأقحمت ا لأعناق لبيان الخضوع وترك الكلام على أصله أو لما، وصفت بالخضوع الذي هو للعقلاء قيل خاضعين.
وقيل : أعناق الناس رؤساؤهم ومقدموهم أي فظلت كبراؤهم لها خاضعين وقيل أراد بالأعناق الجماعات، يقال جاء عنق من الناس أي جماعة قوله تعالى ) وما يأتيهم من ذكر من الرحمن ( أي وعظ وتذكير ) محدث ( أي محدث إنزاله فهو محدث التنزيل وكلما نزل شيء من القرآن بعد شيء فهو أحدث من الأول ) إلا كانوا عنه معرضين ( أي عن الإيمان به ) فقد كذبوا فسيأتيهم ( أي فسوف يأتيهم ) أنباء ( أي أخبار وعواقب ) ما كانوا به يستهزئون أولم يروا إلى الأرض ( يعني المشركين ) كم أنبتنا فيها ( أي بعد أن لم يكن فيها نبات ) من كل زوج كريم ( أي جنس ونوع وصنف حسن من النبات مما يأكل الناس والأنعام، قال الشعبي : الناس من نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم ومن دخل النار فهو لئيم ) إن في ذلك ( أي الذي ذكر ) لآية ( تدل على أنه واحد أي دلالة على كمال قدرتنا وتوحيدنا كما قيل :
وفي كل شيء له آية
تدل على أنه واحد
و ) وما كان أكثرهم مؤمنين ( أي سبق علمي فيهم أن أكثرهم لا يؤمنون ولا يصدقون.
الشعراء :( ٩ - ١٩ ) وإن ربك لهو...
" وإن ربك لهو العزيز الرحيم وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلى هارون ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين " ( ) وإن ربك لهو العزيز ( أي المنتقم من أعدائه ) الرحيم ( ذو الرحمة لأوليائه.
قوله تعالى ) وإذ نادى ( أي واذكر يا محمد إذ نادى ) ربك موسى ( أي حين رأى الشجرة والنار ) أن ائت القوم الظالمين ( يعني الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي وظلموا بني إسرائيل باستعبادهم وسومهم سوء العذاب ) قوم فرعون ( يعني القبط ) ألا يتقون ( أي يصرفون عن أنفسهم عقوبة الله بطاعته والإيمان به ) قال ( يعني موسى ) رب ( أي يا رب ) إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ( أي بتكذيبهم إياي ) ولا ينطلق لساني ( أي للعقدة التي كانت على لسانه ) فأرسل إلى هارون ( ليوازرني ويعينني على تبليغ الرسالة ) ولهم عليَّ ذنب ( أي دعوى ذنب وهو قتله القبطي ) فأخاف أن يقتلون ( أي به ) قال ( الله تعالى ) كلا ( أي لن يقتلوك ) فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون ( أي سامعون ما تقولون وما يقال لكم.
فإن قلت : كيف ذكرهم بلفظ الجمع في قوله معكم وهما