صفحة رقم ١١٦
موسى ) قال لمن حوله ( أي من أشراف قومه قال ابن عباس : كانوا خمسمائة رجل عليه الأسورة ) ألا تستمعون ( وإنما قال فرعون : ذلك على سبيل التعجب من جواب موسى، يعني أني إنما أطلب منها الماهية وخصوصية الحقيقة وهو يجيبني بأفعاله وآثاره وقيل : إنهم كانوا يعتقدون إن آلهتهم ملوكهم ثم زادهم موسى في البيان ) قال ربكم ورب آبائكم الأولين ( يعني أن موسى ذكر ما هو أقرب فقال ربكم يعني أنه خالقكم وخالق آبائكم الأولين ) قال ( يعني فرعون ) إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ( يعني المقصود من السؤال طلب الماهية، وهو يجيب بالآثار الخارجة وهذا لا يفيد البتة فهذا الذي يدعي الرسالة مجنون لا يفهم السؤال فضلاً عن أن يجيب عنه، ويتكلم بكلامه لا نقبله ولا نعرف صحته، وكان عندهم أن من لا يعتقد ما يعتقدون ليس بعاقل فزاد في البيان ) قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون ( فعدل إلى طريق ثالث أوضح من الثاني، ومعنى إن كنتم تعقلون قد عرفتم أنه لا جواب عن سؤالك إلا ما ذكرت ) قال ( فرعون حين لزمته الحجة، وانقطع عنه الجواب تكبراً عن الحق ) لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين ( قيل كان سجن فرعون أشد من القتل، لأنه كان يأخذ الرجل فيطرحه في مكان يهوي فيه إلى الأرض وحده فرداً لا يسمع ولا يبصر فيه ) قال ( له موسى حين توعده بالسجن ) أولو جئتك بشيء مبين ( أي بآية بينة والمعنى أتفعل ذلك، ولو جئتك بحجة بينة وإنما قال ذلك موسى لأن من أخلاق الناس السكون إلى الإنصاف والإجابة إلى الحق بالبيان ) قال ( يعني فرعون ) فأت به ( أي إنا لن نسجنك حينئذٍ ) إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين قيل إنها لما صارت حية ارتفعت في السماء، قدر ميل ثم انحطت مقبلة إلى فرعون فقال : بالذي أرسلك ألا أخذتها فأخذها موسى، فعادت عصاً كما كانت فقال وهل غيرها قال نعم وأراه يده في أدخلها في جيبه ثم أخرجها، فإذا هي بيضاء من غير برص لها شعاع كشعاع الشمس وهو قوله ) ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين ( فعند ذلك ) قال ( فرعون ) للملأ حوله إن هذا ( يعني موسى ) لساحر عليم ( وكان زمان السحر فلهذا روج فرعون هذا القول على قومه ثم قال ) يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره ( قال هذا القول على سبيل التنفير لئلا يقبلوا قول موسى ) فما تأمرون ( يعني ما رأيكم فيه وما الذي أعمله فعند ذلك ) قاله أرجه وأخاه ( أي أخره وأخاه ) وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم ( قيل إن فرعون أراد قتل موسى فقالوا لا تفعل فإنك إن قتلته دخلت الناس شبهة في أمره ولكن أخره، واجمع له سحرة ليقاوموه ولا تثبت له عليك حجة.
قوله تعالى ) فجمع السحرة لميقات يوم معلوم ( يعني يوم الزينة قال ابن عباس وافق ذلك يوم السبت في أول يوم من السنة، وهو يوم النيروز ) وقيل للناس هل أنتم مجتمعون ( أي لتنظروا ما يفعل الفريقان، ولمن تكون